للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَايِنْ فُلَانًا، وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ

ــ

[منح الجليل]

نَقْلُ ابْنُ شَاسٍ وَاتَّبَعَهُ فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ شَاسٍ قَالَ لَا يَجُوزُ ضَمَانُ الْجُعْلِ إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَرَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ، وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا لِأَنَّ الْجَعَالَةَ قَبْلَ الْعَمَلِ لَيْسَتْ بِعَقْدٍ مُنْبَرِمٍ، وَأَشْبَهَتْ الْكِتَابَةَ وَلَمْ يَقْنَعْ حَتَّى زَادَ، وَفِي جَوَازِ الْحَمَالَةِ بِهَا بَعْدَ الْعَمَلِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلْعَامِلِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي هَذَا نَظَرٌ، أَمَّا أَوَّلًا فَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنًا لَازِمًا فِي الْحَالِ فَيَلْزَمُ فَهُوَ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ، وَمِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ مَا لَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ كَالْجُعْلِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ كَقَوْلِهِ إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَهَذَا تَصِحُّ الْحَمَالَةُ بِهِ أَيْضًا قَبْلَ الْمَجِيءِ بِالْآبِقِ، فَإِنْ جَاءَ بِهِ لَزِمَ مَا تَحَمَّلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ اهـ.

وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ، وَقَالَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَجُوزُ ضَمَانُ الْجُعْلِ إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ لَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عِنْدِي الْجَوَازُ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ غَيْرِهَا بِصِحَّةِ ضَمَانِ مَا هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلثُّبُوتِ اسْتِقْبَالًا. وَتَوْجِيهُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْجَعَالَةَ قَبْلَ الْعَمَلِ لَيْسَتْ بِعَقْدٍ مُنْبَرِمٍ فَأَشْبَهَتْ الْكِتَابَةَ، يُرَدُّ بِأَنَّ حَمَالَةَ الْكِتَابَةِ تُؤَدِّي إلَى الْغُرْمِ مَجَّانًا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَيْنًا ثَابِتًا، وَالْجُعْلُ مَهْمَا غَرِمَهُ الْحَمِيلُ رَجَعَ بِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ دَيْنٌ ثَابِتٌ، وَفِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ فِي ضَمَانِ الْجُعْلِ فِي الْجَعَالَةِ وَجْهَانِ

(وَ) يَصِحُّ الضَّمَانُ مِمَّنْ قَالَ لِشَخْصٍ (دَايِنْ فُلَانًا) أَيْ عَامِلْهُ بِدَيْنٍ بِأَنْ تُقْرِضَهُ أَوْ تُسَلِّمَهُ أَوْ تَبِيعُهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَأَنَا ضَامِنُهُ فِيمَا تُعَامِلُهُ بِهِ (وَ) إنْ دَايَنَهُ (لَزِمَ) الضَّمَانُ الضَّامِنَ (فِيمَا) أَيْ دَيْنٍ أَوْ الدَّيْنِ الَّذِي (ثَبَتَ) تَدَايُنُهُ مِنْ الْمَقُولِ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ تَحَمَّلَ لِفُلَانٍ بِمَالِهِ قِبَلَ فُلَانٍ فِي لُزُومِ غُرْمِهِ مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ بِإِقْرَارِهِ أَوْ وَقَفَهُ عَلَى ثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ نَقْلًا اللَّخْمِيُّ. قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ وَالْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ. فِي الْبَزَّازِ وَمَا الْعَادَةُ الْمُدَايَنَةُ فِيهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَسَمِعَ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ أَنَا حَمِيلٌ بِمَا بُويِعَ بِهِ فُلَانٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا بُويِعَ بِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارِهِ، وَكَذَا مَنْ شُكِيَ إلَيْهِ مَطْلُ رَجُلٍ فَقَالَ مَا عَلَيْهِ عَلَيَّ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِبَيِّنَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>