وَإِنْ ضَمَانَ مَضْمُونِهِ،
ــ
[منح الجليل]
وَتَفْسُدُ بِهَا، هَذِهِ النُّسْخَةُ أَعْنِي مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ " غ " فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ أَوْ فَسَدَتْ كَبِجُعْلٍ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ كَمَدِينِهِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ وَالرَّاءِ وَزِيَادَةِ وَإِنْ وَكَمَدِينِهِ بِكَافِ التَّشْبِيهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَا يَجُوزُ لِلضَّامِنِ أَنْ يَأْخُذَ جُعْلًا مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ الْمَدِينِ أَوْ غَيْرِهِمَا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالدَّالِ وَلِمَدِينِهِ بِاللَّامِ، وَصَوَابُهُ عَلَى هَذَا لَا مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ بِلَا النَّافِيَةِ حَتَّى يُطَابِقَ قَوْلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ أَعْطَى الْمِدْيَانَ شَيْئًا عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَغَيْرُهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ لَا يَصِحُّ، وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَرِهَهُ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ الْجَوَازُ أَبْيَنُ.
الْحَطّ هَاتَانِ النُّسْخَتَانِ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا غَيْرُ مُشْتَهِرَتَيْنِ، وَالنُّسْخَةُ الْمَشْهُورَةُ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ كَمَا ذَكَرْته أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ وَإِنْ وَغَيْرُ بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَالْيَاءِ وَلِمَدِينِهِ فَاللَّامُ الْجَرِّ، وَهَذِهِ مَعْنَاهَا فَاسِدٌ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ يَفْسُدُ إذَا دَفَعَ غَيْرُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمِدْيَانِ جُعْلًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ لِرَبِّ الدَّيْنِ حَمِيلًا، وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ الْجُعْلَ لَوْ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمِدْيَانِ يَصِحُّ، فَأَحْرَى إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ اللَّامِ كَافٌ صَحَّتْ، لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى الْأُولَى غَيْرَ أَنَّهُ يَدَّعِي فِيهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ أَحْرَوِيًّا فَأَوْلَى النُّسَخِ وَأَحْسَنُهَا النُّسْخَةُ الْأُولَى الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ غَازِيٍّ.
وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ بِكَجُعْلٍ جَمِيعُ الصُّوَرِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا الْحَمَالَةُ لِدُخُولِ الْفَسَادِ بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ وَيَبْطُلُ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ لِلضَّامِنِ إنْ كَانَ الْجُعْلُ مَالًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْجُعْلُ (ضَمَانَ مَضْمُونِهِ) أَيْ الضَّامِنِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ الضَّامِنُ بِأَنْ ضَمَّنَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِيُضَمِّنَهُ الْآخَرُ بِأَنْ تَدَايَنَ رَجُلَانِ دَيْنًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ رَجُلَيْنِ، وَيُضَمِّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَيُمْنَعُ إذَا شَرَطَا ذَلِكَ لَا إنْ اتَّفَقَ بِدُونِ شَرْطٍ، وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيرُ مَفْعُولِ الْمَصْدَرِ مَدِينُ الضَّامِنِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ اضْمَنِّي وَأَنَا أَضْمَنُ لَك مَدِينَك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute