وَلَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا إنْ لَمْ يَبْعُدْ وَلَمْ يُتَّجَرْ لِحُضُورِهِ
ــ
[منح الجليل]
اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ تَلَفَ مَا أَخْرَجَهُ صَاحِبُهُ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً. اهـ. فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالتَّلَفِ فَلَهُ وَعَلَيْهِ هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَا اشْتَرَى بِالسَّالِمِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ التَّلَفَ، فَإِنْ عَلِمَهُ فَهِيَ لَهُ خَاصَّةً إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ فَالسِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا بِلَا خِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ.
فَإِنْ قِيلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ إلَّا أَنْ يَدَّعِي، يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ. قُلْت لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى لِلشَّرِكَةِ وَلَمْ يَدَّعِ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ، فَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ وَإِنَّهُ بَيْنَهُمَا لُزُومًا.
وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ، إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَلَا خِيَارَ لِأَحَدِهِمَا سَوَاءٌ اشْتَرَى بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ أَوْ قَبْلَهُ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ التَّلَفَ يُخَيَّرُ شَرِيكُهُ الَّذِي تَلِفَتْ صُرَّتُهُ فِي شَرِكَتِهِ وَتَرْكِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ إنْ أَحْضَرَ مَا أَخْرَجَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، بَلْ (وَلَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ الَّذِي شَارَكَ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ بِقَيْدَيْنِ، أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَبْعُدْ) النَّقْدُ الْغَائِبُ، زَادَ فِي تَوْضِيحِهِ جِدًّا، فَإِنْ بَعُدَ النَّقْدُ الْغَائِبُ جِدًّا فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِهِ (وَلَمْ يُتَّجَرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ مُشَدَّدَةً وَالْجِيمِ بِنَقْدِ أَحَدِهِمَا الْحَاضِرِ (لِحُضُورِهِ) أَيْ النَّقْدِ الْغَائِبِ، وَاَلَّذِي فِي تَوْضِيحِهِ لِقَبْضِهِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ حُضُورَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ قَالَهُ تت. فَإِنْ اتَّجَرَ بِالْحَاضِرِ قَبْلَ حُضُورِ الْغَائِبِ فَلَا تَصِحُّ. طفي جَعَلَهُ تت مُبَالَغَةً فِي لُزُومِهَا، وَتَبِعَهُ " س "، وَاعْتَرَضَهُمَا عج بِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ لُزُومِهَا مَعَ الْبُعْدِ أَوْ التَّجْرِ قَبْلَ حُضُورِهِ، وَالْمُرَادُ مَنْعُهَا وَجَعْلُهُ مُبَالَغَةً فِي جَوَازِهَا.
قُلْت الْأَوْلَى كَوْنُهُ مُبَالَغَةً فِي صِحَّتِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ، قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute