ثُمَّ إنْ أَطْلَقَا التَّصَرُّفَ وَإِنْ بِنَوْعٍ، فَمُفَاوَضَةٌ
وَلَا يُفْسِدُهَا: انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِشَيْءٍ؛
ــ
[منح الجليل]
شَارِكْ بِجِنْسِ الْعَيْنِ وَالطَّعَامِ ... وَالثَّانِ لِلْعُتَقِيِّ لَا الْإِمَامِ
لِلنَّقْلِ وَالْخَلْطِ وَالْأَرْشِ وَالْغَرَضْ ... وَعِلَلٍ وَإِنْ كَلَامًا قَبَضْ
وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ فِي الْعَيْنِ، وَبِالْأَرْشِ الْقِيمَةُ الَّتِي تَفْتَقِرُ الشَّرِكَةُ إلَى الِاسْتِوَاءِ فِيهَا، وَبِالْغَرَضِ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ فِي الطَّعَامِ وَتَنْكِيرُ عِلَلٍ لِلتَّكْثِيرِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي جَوَازِهَا بِدَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَطَعَامَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَعَرْضَيْنِ كَذَلِكَ وَمَنَعَهَا فِي الْجَمِيعِ. ثَالِثُهَا تَجُوزُ فِي الْعَرْضَيْنِ فَقَطْ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَسَحْنُونٍ، وَالثَّانِي لِأَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَالثَّالِثُ لِأَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِاجْتِمَاعِ عِلَّتَيْنِ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَهُمَا عَدَمُ الْمُنَاجَزَةِ وَالْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ وَانْفِرَادُ عِلَّةٍ فِي الْعَرْضَيْنِ هِيَ الْبَيْعُ وَالشَّرِكَةُ. اهـ. وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ نَقْدِهَا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، قَالَ أَجَازَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَاعِ فِي الشَّرِكَةِ عَدَمَ التَّنَاجُزِ وَلَا الصَّرْفِ وَالشَّرِكَةِ وَلَا الْبَيْعِ إذَا دَخَلَا فِيهَا.
وَلَمَّا كَانَتْ الشَّرِكَةُ سِتَّةَ أَقْسَامٍ مُفَاوَضَةٍ وَعِنَانٍ وَجَبْرٍ وَعَمَلٍ وَذِمَمٍ وَمُضَارَبَةٍ وَهُوَ الْقَرَّاضُ ذَكَرَهَا مُرَتَّبَةً كَهَذَا وَأَفْرَدَ الْأَخِيرَ بِبَابٍ فَقَالَ: (ثُمَّ) بَعْدَ لُزُومِهَا بَدَا لَهَا عُرْفًا (إنْ أَطْلَقَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (التَّصَرُّفَ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي جَمِيعِ مَا يَتَّجِرَانِ فِيهِ بِأَنْ جَعَلَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ، وَبِلَا إذْنِهِ وَعِلْمِهِ، وَفِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَالِاكْتِرَاءِ وَالْإِكْرَاءِ وَنَحْوِهَا إنْ كَانَ الْإِطْلَاقُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ مَا يُتَّجَرُ فِيهِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِنَوْعٍ) وَاحِدٍ مِمَّا يُتَّجَرُ فِيهِ كَالْبَزِّ بِالزَّايِ أَوْ الْعِطْرِ (فَ) هِيَ (مُفَاوَضَةٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ لَا غَيْرُ أَيْ تُسَمَّى بِهَذَا
(وَلَا يُفْسِدُهَا) أَيْ الْمُفَاوَضَةَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ (انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (بِشَيْءٍ) مِنْ الْمَالِ يَتَّجِرُ فِيهِ لِخَاصَّةِ نَفْسِهِ إذَا دَخَلَا عَلَى عَمَلِهِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ بِقَدْرِ مَالِهِ فِيهَا يَكُونَانِ مُتَفَاوِضَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا عَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ دُونَ صَاحِبِهِ، وَلَا يُفْسِدُ ذَلِكَ الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا. وَفِي التَّوْضِيحِ وَلَا يُفْسِدُ عِنْدَنَا وُجُودُ مَالٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى حِدَتِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute