وَيُودِعَ لِعُذْرٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ
وَيُشَارِكُ فِي مُعَيَّنٍ
ــ
[منح الجليل]
وَ) لَهُ أَنْ (يُودِعَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الدَّالِ مَالَ الْمُفَاوَضَةِ عِنْدَ أَمِينٍ (لِعُذْرٍ) كَهَدْمِ جِدَارٍ وَحُدُوثِ جَارِ سَوْءٍ وَحُدُوثِ فِتْنَةٍ وَسَفَرٍ وَدُخُولِ حَمَّامٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِيدَاعُ لِعُذْرٍ وَضَاعَ الْمَالُ (ضَمِنَ) الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِمَّا أَوْدَعَهُ. اللَّخْمِيُّ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُودَعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَّا لِعُذْرٍ، وَكَذَلِكَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، وَلَهُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ اخْتِيَارًا بِلَا عُذْرٍ. فَإِنْ مَاتَ الْمُودِعُ وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ كَانَ مُفَاوَضًا أَمْ لَا، وَفِيهَا وَأَمَّا إيدَاعُهُ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَنُزُولِهِ بَلَدًا فَرَأَى أَنْ يُودِعَ، إذْ مَنْزِلَةُ الْفُنْدُقِ وَلَا يُؤْمَنُ مِنْ السَّرِقَةِ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَوْدَعَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ضَمِنَهُ. أَبُو الْحَسَنِ فَذَلِكَ لَهُ أَيْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَلَهُ) أَنْ (يُشَارِكَ فِي) مَالٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً شَرِكَةَ غَيْرَ مُفَاوَضَةٍ، كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلِذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْمُفَاوَضَةِ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ. طفي بَلْ وَلَوْ مُفَاوَضَةٌ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَرَّهُ قَوْلُهَا، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُفَاوِضَ شَرِيكًا إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ.
وَأَمَّا إنْ شَارَكَهُ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا غَيْرِ شَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ فَجَائِزٌ لِأَنَّهَا تِجَارَةٌ مِنْ التِّجَارَاتِ. اهـ. وَلَيْسَ مَعْنَاهُ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهَا غَيْرُ شَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ بِعَيْنِهَا، بَلْ مُرَادُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشَارِكَهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ حَتَّى يَكُونَ ثَالِثَهُمَا، فَفِي شَرْحِهَا اللَّخْمِيُّ مُشَارَكَتُهُ ثَالِثًا إنْ شَارَكَهُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ سِلْعَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ بِدَنَانِيرَ يُخْرِجُهَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَيُشَارِكُ بِهَا آخَرَ لِيَتَّجِرَ فِي ذَلِكَ جَازَ، فَإِنْ جَعَلَهُ ثَالِثًا لَهُمَا لَمْ يَجُزْ فَقَوْلُهُ فِيهَا غَيْرُ مُفَاوَضَةٍ أَيْ بِجَعْلِهِ ثَالِثًا لَهُمَا.
أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهَا وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُبْضِعَ وَيُقَارِضَ دُونَ إذْنِ الْآخَرِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ دَفْعَهُ الْبِضَاعَةَ وَمُقَارَضَةَ غَيْرِهِ وَشَرِكَتَهُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ فِي سِلَعٍ مِنْ التِّجَارَةِ مُوَسَّعٌ لَهُ فِيهِ. وَأَمَّا شَرِكَتُهُ شَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ فَقَدْ مَلَكَ هَذَا الشَّرِيكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَحُزْ ذَلِكَ عَلَيْهِ. اهـ. فَجَعَلَ مَحَلَّ الْمَنْعِ حَيْثُ جَعَلَهُ ثَالِثًا فَصَحَّ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute