أَوْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ:
ــ
[منح الجليل]
يُشْهِدْ بِهَا عِنْدَ أَخْذِهَا و (قَصُرَتْ الْمُدَّةُ) بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَنَازُعِهِمَا فِي رَدِّهَا، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِهَا عِنْدَهُ وَطَالَتْ الْمُدَّةُ فَالْقَوْلُ لِلْآخِذِ أَنَّهُ رَدَّهَا لَهُ.
الْمُصَنِّفُ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ مُحَمَّدٍ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْأَخْذِ قَصْدُهُ لِلتَّوَثُّقِ كَالْإِشْهَادِ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عِنْدَ الْإِيدَاعِ، فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الرَّدِّ مَعَهُ إلَّا بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، فَالْأَوْلَى إنْ أَشْهَدَ بِهَا عِنْدَهُ رُبَاعِيًّا فِيهَا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَأَقَامَ صَاحِبُهُ بَيِّنَةً أَنَّ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ الشَّرِكَةِ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَلَمْ تُوجَدْ وَلَمْ يُعْلَمْ مَسْقَطُهَا، فَإِنْ قَرُبَ مَوْتُهُ مِنْ أَخْذِهَا فِيمَا يُظَنُّ أَنَّهُ لَمْ يَشْغَلْهَا فِي تِجَارَةٍ فَهِيَ فِي حِصَّتِهِ وَمَا تَطَاوَلَ وَقْتُهُ لَا يَلْزَمُهُ، أَرَأَيْت لَوْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَبَضَهَا مُنْذُ سَنَةٍ وَهُمَا يَتَّجِرَانِ أَيَلْزَمُهُ اهـ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُ هَذَا وَبِأَنَّ مُحَمَّدًا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ إنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَخْذِهَا شَاهِدَيْنِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ رَدَّهَا وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إقْرَارُهُ بِلَا تَعَمُّدِ إشْهَادٍ وَلَا كِتَابٍ فَكَمَا قَالَ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ اهـ.
ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ قَوْلَهُ وَلَا كِتَابٍ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِكِتَابٍ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا بِكِتَابٍ فَقَدْ وُثِّقَ آخِذُهَا فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى الْبَرَاءَةِ اهـ. فِي التَّوْضِيحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُشْهِدْ، وَأَمَّا إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَخْذِهَا فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِإِشْهَادٍ بِأَنَّهُ رَدَّهَا طَالَ ذَلِكَ أَوْ قَصُرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ مُحَمَّدٍ بِقَوْلِهِ أَشْهَدَ كَوْنُ الْبَيِّنَةِ قُصِدَتْ لِلتَّوَثُّقِ كَالْبَيِّنَةِ الَّتِي لَا تُقْبَلُ مَعَهَا دَعْوَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ قَالُوا هِيَ الَّتِي تُشُهِّدَ عَلَى دَفْعِهَا لِلْمُودِعِ. وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ بِحَضْرَةِ قَوْمٍ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّوَثُّقَ بِشَهَادَتِهِمْ فَلَا، وَهَذَا الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ. وَأَمَّا إنْ كَانَ إقْرَارُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إشْهَادٍ فَكَمَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ قَوْلَهُ أَشْهَدُ بِهَمْزَةٍ فِي أَوَّلِهِ عَلَى أَنَّهُ رُبَاعِيٌّ، أَيْ أَشْهَدُ بِهَا قَاصِدًا التَّوَثُّقَ كَمَسْأَلَةِ الْمُودِعِ وَقَدْ نُبِّهَ عَلَى هَذَا " غ " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْحَطّ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ هُوَ الْإِشْهَادُ بِأَخْذِهَا لِقَصْدِ التَّوَثُّقِ، وَلَا يَسْقُطُ بِطُولٍ لِزَمَانٍ وَلَوْ زَادَ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ، فَسَيَأْتِي فِي بَابِهَا فِي قَوْلِهِ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute