للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ

ــ

[منح الجليل]

وَالثَّانِي: أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ الرَّحَى وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا تُكْرَى لِمَنْ يُعَمِّرُهَا وَقَدْ عَمَّرَهَا الْعَامِلُ وَانْتَفَعَ بِهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ كِرَائِهَا، وَهُوَ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ قَوْلِ عِيسَى وَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا فِيمَا ذَكَرَ مِنْ كِرَاءِ نَصِيبِ الْآبِي.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْغَلَّةَ بَيْنَهُمَا وَلِغَيْرِ الْعَامِلِ يُقَدَّرُ حَظُّهُ مِنْ الرَّحَى خَرِبَةً وَلِلْعَامِلِ بِقَدْرِ حَظِّهِ مِنْهَا أَيْضًا وَيُقَدَّرُ عَمَلُهُ إلَى أَنْ يُرِيدَ شَرِيكُهُ الدُّخُولَ مَعَهُ وَيَأْتِيهِ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِيمَا عَمِلَ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ بَعْدَهُ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ فَهِمَ هَذَا التَّحْصِيلَ إجْمَالُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ. الْحَطّ وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ نَاقِلًا عَنْ أَنَّ عَبْدَ السَّلَامِ أَثَرَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَبِالثَّانِي قَالَ ابْنُ دِينَارٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالثَّالِثُ أَقْوَاهَا عِنْدِي. وَفِي الثَّانِي إلْزَامُهُمْ الشِّرَاءَ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ أَوْ انْفِرَادُهُ بِأَكْثَرَ الْغَلَّةِ عَنْهُمْ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ لِاسْتِلْزَامِهِ حَجْرُ مِلْكِهِمْ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إلَّا أُجْرَةَ الْخَرَابِ. فَإِنْ قِيلَ الثَّالِثُ ضَعِيفٌ أَيْضًا لِأَنَّ مُتَوَلِّي النَّفَقَةَ أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ مَا أَنْفَقَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَيَأْخُذُهُ مِنْ الْغَلَّةِ مُقَطَّعًا، قِيلَ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ اخْتِيَارًا، وَلَوْ شَاءَ لَرَفَعَهُمْ إلَى الْقَاضِي فَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِمَا قَالَهُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ إمَّا أَنْ يُسَلِّمُوا أَوْ يَبِيعُوا مِمَّنْ يُصَلَّحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَ) قَضَى عَلَى جَارٍ (بِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ) دَارِهِ (لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ وَنَحْوَهُ) أَيْ الْجِدَارِ كَخَشَبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ الْإِصْلَاحِ كَإِخْرَاجِ ثَوْبِهِ الْوَاقِعِ فِي الدَّارِ إنْ لَمْ يُخْرِجْهُ لَهُ، لَكِنْ هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْجَارِ، بَلْ كُلُّ مَنْ وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ فِي دَارِ غَيْرِهِ حُكْمُهُ كَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَلَوْ قَلَعَ الرِّيحُ ثَوْبَ رَجُلٍ فَأَلْقَتْهُ فِي دَارِ آخَرَ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ دُخُولِهَا لِأَخْذِهِ إنْ لَمْ يُخْرِجْهُ لَهُ اهـ. الْبِسَاطِيُّ مِثْلُهُ دُخُولُ دَابَّةٍ فِي دَارِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ إخْرَاجَهَا مِنْهَا إلَّا مَالِكُهَا. الْحَطّ وَهُوَ وَاضِحٌ، فَعَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْإِصْلَاحِ أَحْسَنُ لِشُمُولِهِ مَا ذَكَرَ أَيْضًا وَتَفَقُّدُ الْجِدَارِ مِنْ بَيْتِ الْجَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>