كَمَسْجِدٍ
ــ
[منح الجليل]
الرُّجُوعَ إلَيْهِ فِي غَدٍ فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُتِمَّ غَرَضَهُ. وَقِيلَ هُوَ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ، فَلِمَنْ سَبَقَ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ، وَهَذَا الَّذِي اخْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ وَقَضَى لِلسَّابِقِ
وَشَبَّهَ فِي الْقَضَاءِ لِلسَّابِقِ فَقَالَ (كَمَسْجِدٍ) فَيُقْضَى بِهِ لِمَنْ سَبَقَ بِالْجُلُوسِ بِهِ.
(فُرُوعٌ) الْأَوَّلُ: الْعَوْفِيُّ مَنْ وَضَعَ بِمَسْجِدٍ شَيْئًا لِحَجْرِهِ بِهِ كَفَرْوَةٍ حَتَّى يَأْتِيَ إلَيْهِ لِلصَّلَاةِ بِهِ، يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ التَّحْجِيرَ يُعَدُّ إحْيَاءً. الْحَطّ سَيَأْتِي فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْإِحْيَاءِ، وَنَصَّ فِي الْمَدْخَلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ السَّابِقُ إلَى الْمَسْجِدِ بِإِرْسَالِ سَجَّادَتِهِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ غَاصِبٌ لِذَلِكَ الْمَحِلِّ. قَالَ فِي فَصْلِ اللِّبَاسِ فِي ذَمِّ الطُّولِ وَالتَّوْسِيعِ فِيهِ أَنَّ أَحَدَهُمْ إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ ضَمَّ ثَوْبَهُ وَقَعَ فِي النَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَضُمَّهُ أُفْرِشَ عَلَى الْأَرْض وَأَمْسَكَ بِهِ مَكَانًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا مَوْضِعُ قِيَامِهِ وَسُجُودِهِ وَجُلُوسِهِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا بَسَطَ شَيْئًا يُصَلِّي عَلَيْهِ احْتَاجَ أَنْ يَبْسُطَ شَيْئًا كَبِيرَ السَّعَةِ كَثَوْبِهِ فَيُمْسِكُ بِهِ مَوْضِعَ رَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ هَابَهُ النَّاسُ لِكِبَرِ كُمِّهِ وَثَوْبِهِ وَتَبَاعَدُوا مِنْهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ فَيُمْسِكُ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ بَعَثَ سَجَّادَتَهُ إلَى الْمَسْجِدِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ فَفُرِشَتْ فِيهِ وَتَأَخَّرَ إلَى أَنْ يَمْتَلِئَ الْمَسْجِدُ بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَأْتِي يَتَخَطَّى رِقَابَهُمْ فَيَقَعُ فِي مَحْذُورَاتٍ جُمْلَةً مِنْهَا غَصْبُهُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي فُرِشَتْ بِهِ السَّجَّادَةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَجْرُهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ إلَّا مَوْضِعَ صَلَاتِهِ، وَمَنْ سَبَقَ فَهُوَ أَوْلَى، وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا قَالَ إنَّ السَّبْقَ لِلسَّجَّادَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِبَنِي آدَمَ فَوَقَعَ فِي الْغَصْبِ لِمَنْعِهِ السَّابِقَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَمِنْهَا تَخْطِي رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اتَّخَذَ جِسْرًا إلَى جَهَنَّمَ» ، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ تَخَطَّى رَقَبَةَ أَخِيهِ جَعَلَهُ اللَّهُ جِسْرًا» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ السَّبَقَ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ إذَا أُمِرَ إنْسَانٌ أَنْ يُبَكِّرَ إلَى الْجَامِعِ فَيَأْخُذَ لَهُ مَكَانًا يَقْعُدَ فِيهِ، فَإِذَا جَاءَ الْآمِرُ يَقُومُ لَهُ مِنْهُ الْمَأْمُورُ وَيَقْعُدُ الْآمِرُ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ، لِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute