وَرَجَعَ إمَامٌ فَقَطْ لِعَدْلَيْنِ، إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا
وَلَا لِحَمْدِ عَاطِسٍ أَوْ مُبَشِّرٍ وَنُدِبَ تَرْكُهُ،
ــ
[منح الجليل]
(وَرَجَعَ) وُجُوبًا (إمَامٌ فَقَطْ) أَيْ لَا فَذٌّ وَلَا مَأْمُومٌ (لِ) إخْبَارِ (عَدْلَيْنِ) تت مُقْتَضَى اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا عَدَالَةُ الشَّهَادَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْحُرِّيَّةُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَالذُّكُورَةُ. وَمَفْهُومُ التَّثْنِيَةِ عَدَمُ رُجُوعِهِ لِوَاحِدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَمَفْهُومُ التَّثْنِيَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِاثْنَيْنِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعَدْلَيْنِ (مِنْ مَأْمُومِيهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي الرُّجُوعِ لَهُمَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمُشَارِكَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ أَضْبَطُ مِنْ غَيْرِهِ. وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذَلِكَ وَصَدْرَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَخَّرَ الْأَوَّلَ حَاكِيًا لَهُ بِقِيلِ أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ حَالَ شَكِّهِ فِيهِ فَيَرْجِعُ لِخَبَرِهِمَا بِهِ وَلَا يَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ.
(إنْ لَمْ يُتْقِنْ) خِلَافُ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ التَّمَامِ بِأَنْ تَيَقَّنَ صِدْقَهُمَا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ. فَإِنْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُمَا عَمِلَ بِيَقِينِهِ وَلَا يَرْجِعُ لَهُمَا وَلَا لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا (إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ لَا بِقَيْدِ الْعَدَالَةِ كَثْرَةً (جِدًّا) بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَيَرْجِعُ لِخَبَرِهِمْ مَعَ تَيَقُّنِهِ خِلَافُهُ، وَأَوْلَى مَعَ ظَنِّهِ أَوْ شَكِّهِ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ الْأَصَحُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَنْ يَقِينِهِ إلَيْهِمْ وَلَوْ كَثُرُوا. إلَّا أَنْ يُخَالِطَهُ رَيْبٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى يَقِينِ الْقَوْمِ. وَسَوَاءٌ أَخْبَرُوهُ بِالنَّقْصِ أَوْ بِالتَّمَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ مَأْمُومِينَ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ إذْ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَلَا الْمَأْمُومَةُ فِي خَبَرِ مَنْ بَلَغَ هَذَا الْمِقْدَارَ. وَأَمَّا إنْ اعْتَقَدَ التَّمَامَ وَأَخْبَرَ بِعَدَمِهِ فَيَعْمَلُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ وَلَوْ وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ لِحُصُولِ شَكِّهِ بِسَبَبِ إخْبَارِهِ كَشَكِّهِ مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكَحٍ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. فَإِنْ كَانَ مُسْتَنْكَحًا يَبْنِي عَلَى التَّمَامِ. وَلَوْ أَخْبَرَ بِالنَّقْصِ فَيَرْجِعُ لَهُمَا لَا لِوَاحِدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ.
(وَلَا) سُجُودَ (لِحَمْدِ عَاطِسٍ) فِي صَلَاتِهِ (أَوْ) حَمْدِ (مُبَشِّرٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فِي صَلَاتِهِ بِمَا يَسُرُّهُ وَلَا فِي اسْتِرْجَاعٍ مِنْ مُصِيبَةٍ أُخْبِرَ بِهَا (وَنُدِبَ تَرْكُهُ) أَيْ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute