وَبِسَدِّ كُوَّةٍ فُتِحَتْ أُرِيدَ سَدٌّ خَلْفَهَا
ــ
[منح الجليل]
وُضُوءٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» .
السَّابِعُ: إذَا عُرِفَ مَوْضِعٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بِجُلُوسِ إنْسَانٍ فِيهِ لِتَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ فُتْيَا وَسَبَقَهُ غَيْرُهُ إلَيْهِ فِي يَوْمٍ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ عُرِفَ بِالْمَوْضِعِ أَحَقُّ بِهِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ هُوَ أَحَقُّ بِهِ اسْتِحْسَانًا لَا وُجُوبًا، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
(وَ) قُضِيَ عَلَى جَارٍ (بِسَدِّ كُوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ فِي الْأَشْهَرِ وَضَمِّهَا وَشَدِّ الْوَاوِ، أَيْ طَاقَةٍ (فُتِحَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أَحْدَثَ فَتْحَهَا وَيُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ و (أُرِيدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (سَدٌّ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ كَذَلِكَ مُنَوَّنًا (خَلْفَهَا) أَيْ دَاخِلَهَا مِنْ نَاحِيَةِ مَنْ فَتَحَهَا وَإِبْقَاؤُهَا مَفْتُوحَةً مِنْ نَاحِيَةِ جَارِهِ وَلَمْ يَرْضَهُ، إذْ لَا يَكْفِي ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، إذْ ذَاكَ زَرِيعَةٌ إلَى ادِّعَاءِ فَاتِحِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ قَدِمَهَا وَاسْتِدْلَالِهِ عَلَيْهِ بِفَتْحِهَا مِنْ جِهَةِ جَارِهِ، وَمَفْهُومُ فُتِحَتْ أَنَّ الْقَدِيمَةَ لَا يُقْضَى بِسَدِّهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ فَتَحَ فِي جِدَارِهِ كُوَّةً أَوْ بَابًا يَضُرُّ بِجَارِهِ فِي الْإِشْرَافِ عَلَيْهِ مِنْهُ مُنِعَ، فَأَمَّا كُوَّةٌ قَدِيمَةٌ أَوْ بَابٌ قَدِيمٌ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ، وَفِيهِ مَضَرَّةٌ عَلَى جَارِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْكُوَّةُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّاقِ.
ابْنُ يُونُسَ رَأَيْت بَعْضَ فُقَهَائِنَا يُفْتِي وَيَسْتَحْسِنُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ عَنْ التَّكَشُّفِ وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً، وَإِنْ رَضِيَا بِذَلِكَ فَلَا يُتْرَكَا لِرِضَاهُمَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ، وَالصَّوَابُ جَبْرُ الْمُحْدِثِ عَلَى السَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ أَيْ مُحْدِثِ الْبُنْيَانِ أَبُو الْحَسَنِ الْقِدَمُ طُولُ الْمُدَّةِ لَا إنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ جَارِهِ، وَفِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ الْقِدَمَ إمَّا سُكُوتُ الثَّانِي مُدَّةَ حِيَازَةِ الضَّرَرِ أَوْ التَّقَدُّمُ عَلَى بِنَائِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِسَدِّ الْكُوَّةِ الْقَدِيمَةِ وَقَوَّى ابْنُ عَبْدِ النُّورِ فِي حَاوِيهِ سَدَّهَا، وَلَكِنْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِسَدِّهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ عَلَى الْجَارِ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ كُوَّةٌ قَدِيمَةٌ يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ فَلَا قِيَامَ لِلْجَارِ فِيهَا وَيَجِبُ فِي التَّحَفُّظِ بِالدِّينِ التَّطَوُّعُ بِغَلْقِهَا مِنْ جِهَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ وَالتَّحَفُّظُ بِالدِّينِ أَوْكَدُ مِنْ حُكْمِ السُّلْطَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute