للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنُدِبَ: إعَارَةُ جِدَارِهِ لِغَرْزِ خَشَبَةٍ

ــ

[منح الجليل]

الْحَطّ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ أُحِبُّ أَنْ يُعْلِمَهُمْ لِمَوْضِعِ حَقِّ الْجِوَارِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ فَتَاوَى ابْنِ زَرْبٍ. " غ " فِي أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ عِيَاضًا سَأَلَهُ عَنْ صَوْمَعَةٍ أُحْدِثَتْ فِي مَسْجِدٍ فَشَكَا مِنْهَا بَعْضُ الْجِيرَانِ الْكَشْفَ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ فِيهَا مَقَالٌ وَقَدْ أَبَاحَ أَئِمَّتُنَا لِمَنْ فِي دَارِهِ شَجَرَةٌ صُعُودُهَا لِجَمْعِ ثَمَرَتِهَا مَعَ الْإِنْذَارِ بِطُلُوعِهِ وَأَوْقَاتُ الطُّلُوعِ لِلْأَذَانِ مَعْلُومَةٌ وَفِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، وَإِنَّمَا يَتَوَلَّاهَا غَالِبًا أَهْلُ الصَّلَاحِ وَمَنْ لَا يَقْصِدُ مُضِرَّةً؟ فَأَجَابَ لَيْسَتْ الصَّوْمَعَةُ فِي الْمَسْجِدِ كَالشَّجَرَةِ فِي دَارِ الرَّجُلِ لِأَنَّ الطُّلُوعَ لِجَنْيِ الثَّمَرَةِ نَادِرٌ، وَالصُّعُودَ فِي الصَّوْمَعَةِ لِلْأَذَانِ يَتَكَرَّرُ مِرَارًا فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَالرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِالْمَنْعِ مِنْ الصُّعُودِ فِيهَا وَالرُّقِيِّ عَلَيْهَا مَنْصُوصَةٌ عَلَى عِلْمِك، وَالْمَعْنَى فِيهَا صَحِيحٌ فِيمَا أَقُولُ، وَإِنْ كَانَ يَطَّلِعُ مِنْهَا عَلَى الدُّورِ مِنْ بَعْضِ نَوَاحِيهَا دُونَ بَعْضٍ فَيُمْنَعُ مِنْ الْوُصُولِ مِنْهَا إلَى الْجِهَةِ إلَتِي يَطْلُعُ مِنْهَا إلَّا بِحَاجِزٍ يُبْنَى بَيْنَ تِلْكَ الْجِهَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْجِهَاتِ اهـ.

وَالرِّوَايَةُ عَنْ سَحْنُونٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ يُمْنَعُ الصُّعُودُ فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي أَنَّ الِاطِّلَاعَ مِنْ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ الَّذِي يَجِبُ الْقَضَاءُ بِقَطْعِهِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عِنْدَ مَنْ رَأَى مِنْ أَصْحَابِهِ إنْ أَحْدَثَ فِي مِلْكِهِ اطِّلَاعًا عَلَى جَارِهِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِسَدِّهِ، وَيُقَالُ لِجَارِهِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك فِي مِلْكِك، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ الْمَنَارَ لَيْسَ مِلْكًا لِلْوَزْنِ، وَإِنَّمَا يُصْعَدُ فِيهِ ابْتِغَاءَ الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ وَاطِّلَاعُهُ عَلَى حَرَمِ النَّاسِ مَحْظُورٌ، وَلَا يَحِلُّ الدُّخُولُ فِي نَافِلَةٍ مِنْ الْخَيْرِ بِمَعْصِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدُّورُ عَلَى الْقُرْبِ أَوْ الْبُعْدِ إلَّا لِبُعْدٍ كَثِيرٍ لَا تَبِينُ مَعَهُ الْأَشْخَاصُ وَلَا الْهَيْئَاتُ وَلَا الذُّكُورُ مِنْ الْإِنَاثِ فَلَا يُعْتَبَرُ الِاطِّلَاعُ مَعَهُ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَسْتَدِلُّ عَلَى هَذَا بِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - إنْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ لَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ» وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْجَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (إعَارَةُ جِدَارِهِ) أَيْ الْجَارِ لِجَارِهِ (لِ) أَجْلِ (غَرْزِ) أَيْ إدْخَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>