إلَّا لِتَبَرُّعٍ بَعْدَ الْعَقْدِ
ــ
[منح الجليل]
وَلِرَبِّ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ الثُّلُثُ، فَتَجُوزُ، وَإِنْ دَخَلَا عَلَى النِّصْفِ لَمْ تَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا ذُكِرَ بِعَكْسِ مَا مَرَّ جَازَ إنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ الثُّلُثَيْنِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى النِّصْفِ فَسَدَتْ لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ، وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ خَمْسِينَ وَالْبَقَرِ وَالْعَمَلِ كَذَلِكَ جَازَ إنْ دَخَلَا عَلَى النِّصْفِ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَسَدَتْ فَالْمُرَادُ. بِالتَّسَاوِي أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُطَابِقًا لِلْمُخْرَجِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْخَارِجِ وَالْمُخْرَجِ جَمِيعًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَتَسَاوَيَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ذَلِكَ.
طفي لَيْسَ الْمُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ إلَّا شَرْطَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَقَابَلَهَا مُسَاوٍ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي قَوْلِهِ وَتَسَاوَيَا، فَيُغْنِي عَنْهُ كَمَا قَالَ " غ " وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَخَلْطُ بَذْرٍ فَلَيْسَ مِنْ شُرُوطِهَا لِأَنَّ شَرْطَهَا مَا كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ صُوَرِهَا، وَهَذَا خَاصٌّ بِبَعْضِ الصُّوَرِ، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إنْ كَانَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَهَا شَرْطَانِ: الْأَوَّلُ السَّلَامَةُ مِنْ مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ أَوْ بَعْضِهَا بِمَا لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِهِ، الثَّانِي: التَّعَادُلُ بَيْنَ الْإِشْرَاكِ فِي قِسْمَةِ الْمُخْرَجِ أَوْ قِيمَتِهِ بِحَسَبِ حِصَصِ الْإِشْرَاكِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَجْزَاءِ، عَلَى أَنَّ لَهُ مِمَّا يَخْرُجُ مَالًا يَكُونُ قَدْرَ ذَلِكَ الْجُزْءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ يَسِيرًا لَا يُؤْبَهُ لَهُ فَلَا تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ.
وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ وَقَابَلَهَا صَارَ فَإِنَّهُ، قَالَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَا يُقَابِلُهَا مُعَادِلًا لِكِرَائِهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا يُغْنِي عَنْهُ وَهُوَ التَّسَاوِي فِي الْمُخْرَجِ، فَجَاءَ كَلَامُهُ حَسَنًا اهـ. قُلْت شَاعَ أَنَّهُ لَا يُعْتَرَضُ بِإِغْنَاءِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِ لِوُقُوعِ الْأَوَّلِ فِي مَرْكَزِهِ. وَلَا يُغْنِي عَنْ الْمُتَأَخِّرِ فَاحْتِيجَ لِلثَّانِي، فَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ أَحْسَنُ مِنْ صَنِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِإِخْلَالِهِ بِشَرْطِ التَّسَاوِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ وَمُتَسَاوِيًا فَقَالَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ عَدَمُ التَّسَاوِي (لِتَبَرُّعٍ) مِنْ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْمُزَارَعَةِ بِزِيَادَةِ عَمَلٍ أَوْ قَدْرٍ مِمَّا يَخْرُجُ لِلْآخَرِ (بَعْدَ الْعَقْدِ) فَلَا تَفْسُدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْبَذْرِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute