مِنْ فَسْخٍ، وَقَبْضِ حَقٍّ وَعُقُوبَةٍ؛ وَحَوَالَةٍ وَإِبْرَاءٍ وَإِنْ جَهِلَهُ الثَّلَاثَةُ
ــ
[منح الجليل]
أَقْرَبُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِي هَذَا الْمِثَالِ يَصِحُّ مِنْهُ الْفِعْلُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ الْتَزَمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِكَفِيلٍ بِهِ عَنْهُ بِحَيْثُ صَارَ الْإِتْيَانُ بِالْكَفِيلِ حَقًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورِ، وَخَرَّجَ ابْنُ هَارُونَ عَلَى الظِّهَارِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ فِي الظِّهَارِ أَنَّهُ كَالطَّلَاقِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ زَوْجَةُ مُوَكِّلِي عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، كَقَوْلِهِ امْرَأَةُ مُوَكِّلِي طَالِقٌ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الظِّهَارَ وَالطَّلَاقَ إنْشَاءٌ مُجَرَّدٌ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ. وَأَمَّا الْيَمِينُ فَمُتَضَمِّنَةٌ لِلْخَبَرِ عَنْ فِعْلِ الْمُوَكِّلِ وَلَا يَدْرِي الْوَكِيلُ حَقِيَةَ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِعِلْمِهِ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ مُوَكِّلِهِ بِذَلِكَ، وَيُرَدُّ قِيَاسُهُ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ وَجَمْعُهُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِنْشَاءِ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَقِّ الْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ الظِّهَارِ، وَالِاسْتِقْرَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ حَقُّ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ عَلَيْهِ غَيْرُ خَاصٍّ بِهِ جَازَ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ. وَقَوْلُنَا غَيْرُ خَاصٍّ بِهِ احْتِرَازٌ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِغَيْرِهِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى أَدَائِهَا فَإِنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ لِأَنَّ حَلِفَ غَيْرِهِ غَيْرُ حَلِفِهِ فَهُوَ غَيْرُ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ.
وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ تَصِحُّ فِي الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ خِلَافًا ابْنُ عَاتٍ فِي الْمُكَافِئِ لِأَبِي عُمَرَ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ الْإِقْرَارَ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي. وَزَعَمَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ أَنَّ تَحْصِيلَ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ.
وَبَيَّنَ قَابِلَ النِّيَابَةِ فَقَالَ (مِنْ عَقْدٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْقَافِ كَنِكَاحٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ وَقَرْضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَشَرِكَةٍ وَصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِهَا (وَفَسْخٍ) لِعَقْدٍ يَجُوزُ فَسْخُهُ أَوْ يَتَحَتَّمُ (وَقَبْضِ حَقٍّ) لِلْمُوَكِّلِ وَقَضَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ (وَعُقُوبَةٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ كَحَدٍّ وَقِصَاصٍ وَتَأْدِيبٍ (وَحَوَالَةٍ) لِغَرِيمِ الْمُوَكِّلِ عَلَى مَدِينِهِ (وَإِبْرَاءٍ) لِمَنْ عَلَيْهِ حَقُّ الْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا، بَلَى (وَإِنْ جَهِلَهُ) أَيْ الْحَقَّ الْمُبْرَأَ مِنْهُ (الثَّلَاثَةُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ وَوَكِيلُهُ وَمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute