أَوْ أَنْكَرَ الْقَبْضَ، فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ: كَالْمِدْيَانِ
ــ
[منح الجليل]
عَلَى أَنَّ مُنَازَعَتَهُ فِي الْإِذْنِ وَمُخَاصَمَتَهُ فِيهِ وَتَوْجِيهَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَوْتٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ هَلْ السِّلْعَةُ قَائِمَةٌ أَوْ فَاتَتْ وَلَوْ لَمْ يُرِدْ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا لَمَا كَانَ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَائِدَةٌ لَاسْتَفَادَتْهَا مِمَّا تَقَدَّمَ.
١ -
(فَرْعٌ)
فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ، لِلْمُوَكِّلِ رَدُّ بَيْعِ وَكِيلِهِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَتَضْمِينُ الْوَكِيلِ الْقِيمَةَ إنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ. اهـ. مِنْ الْجَزِيرِيِّ. وَفِي الذَّخِيرَةِ فَرْعٌ، قَالَ عَلِيٌّ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ رُدَّ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِعَزْلِهِ عَنْ ذَلِكَ عَادَةً. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَصِحُّ لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْعِ يَتَنَاوَلُهُ لِأَنَّهُ أَعَمُّ. وَجَوَابُهُ عُمُومُهُ مُقَيَّدٌ بِالْعَادَةِ، وَكَذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَيْعَهُ بِالدَّيْنِ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ الْإِطْلَاقِ، وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ. قُلْت وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَوْ) أَيْ وَضَمِنَ إنْ (أَنْكَرَ) الْوَكِيلُ (الْقَبْضَ) لِمَا وُكِّلَ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثْمَنٍ أَوْ دَيْنٍ (فَقَامَتْ) أَيْ شَهِدَتْ (الْبَيِّنَةُ) عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ فَادَّعَى تَلَفَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ، أَوْ دَفَعَهُ لِمُوَكِّلِهِ (فَشَهِدَتْ) لَهُ بَيِّنَةٌ أُخْرَى (بِالتَّلَفِ) أَوْ الدَّفْعِ الَّذِي ادَّعَاهُ فَيَضْمَنُ وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَةٌ لِتَكْذِيبِهَا بِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ.
وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ بِإِنْكَارِ الْقَبْضَ وَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِهِ مَعَ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى بِالْبَرَاءَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ (كَالْمِدْيَانِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ فَيُنْكِرُ التَّدَايُنَ فَتَشْهَدُ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَيَدَّعِي الْإِقْبَاضَ وَتَشْهَدُ بِهِ بَيِّنَةٌ أُخْرَى فَلَا تَنْفَعُهُ لِتَكْذِيبِهَا بِإِنْكَارِهِ التَّدَايُنَ، وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِدَفْعِهِ لِمَنْ شَهِدَتْهُ لَهُ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى الْبُرْزُلِيُّ مِثْلُ ذَلِكَ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى قَضَاءَهُ هُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَنْكَرَ حَقًّا فَقَامَتْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ فَادَّعَى قَضَاءَهُ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، سَوَاءٌ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ فِي هَذَا الْأَصْلُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ. وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مَسَائِلَ جَزَمَ فِيهَا بِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute