وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ: الِاسْتِبْدَادُ، إلَّا لِشَرْطٍ
ــ
[منح الجليل]
كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُسْقِطُ الْيَمِينَ عَنْهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ هُوَ نَصُّ الْغَزَالِيِّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْقَلَ عَنْ الْمَذْهَبِ مَا هُوَ نَصٌّ لِغَيْرِ الْمَذْهَبِ لَا سِيَّمَا وَأُصُولُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي خِلَافَهُ حَسْبَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَشَارِحَا ابْنِ الْحَاجِبِ.
(وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ) أَيْ الِاسْتِقْلَالُ فِيمَا يَفْعَلُهُ عَنْ مُوَكِّلِهِ دُونَ إطْلَاعِ الْوَكِيلِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ، وَفَرَّقَ بِتَعَذُّرِ النَّظَرِ مِنْ الْمُوصِي فِي الرَّدِّ دُونَ الْمُوَكِّلِ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى أَمْرِ عَزْلِهِ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ أَحَدُهُمَا فَيَتَّبِعَ شَرْطَهُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَجَمَاعَةٌ، وَتَعَقَّبَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ قَائِلًا بَلْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ. وَلَمَّا رَأَى الشَّارِحُ قُوَّةَ التَّعَقُّبَ قَالَ فِي شَامِلِهِ وَلَا يَسْتَبِدُّ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ، وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ قَالَهُ تت.
" ق " ابْنُ عَرَفَةَ يَجُوزُ تَوْكِيلُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى غَيْرِ الْخِصَامِ. ابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ أَمْرَ الْوَكِيلَيْنِ يُخَالِفُ الْوَصِيَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا الِاسْتِبْدَادُ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ هَارُونَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْهُ لِغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ، فَفِيهَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَ رَجُلَيْنِ يَشْتَرِيَانِ لَهُ سِلْعَةً أَوْ يَبِيعَانِهَا لَهُ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا أَوْ اشْتَرَى، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمُوَكِّلِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " وَسَمِعَ يَحْيَى إنْ مَاتَ أَحَدُ وَكِيلَيْنِ عَلَى تَقَاضٍ فَلَا يَتَقَاضَى الْبَاقِي دُونَ إذْنِ الْقَاضِي بَهْرَامَ الْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَرَضَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُ هُنَا " غ " فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَالَ هُنَا وَلَا لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ بِزِيَادَةِ لَا النَّافِيَةِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يُؤَخِّرُ لِلْإِشْهَادِ، وَأَسْقَطَهَا النَّاقِلُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَبِعَ مَنْ ذَكَرْنَا مُنْشِدًا بِلِسَانِ حَالِهِ:
وَهَلْ أَنَا إلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إنْ غَوَتْ ... غَوَيْت وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدُ
الْبُنَانِيُّ أَحْسَنُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْوَكِيلَانِ الْمُرَتَّبَانِ، وَأَمَّا الْوَكِيلَانِ فِي آنٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إلَّا لِشَرْطٍ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا بِعِطْفِ الِاسْتِبْدَادِ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ مُنِعَ أَوْ بِتَقْدِيرِ لَا قَبْلَ لِأَحَدِ، وَكِلَاهُمَا بَعِيدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute