وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا كَغَيْرِهِ
ــ
[منح الجليل]
أَخَذَهُ دُونَ يَمِينٍ، وَإِنْ ادَّعَى أَجْوَدَهُمَا فَفِي أَخْذِهِ بِيَمِينٍ أَوْ دُونَهَا نَقْلَا ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ، وَإِنْ شَكَّا فَفِي سَمَاعِ عِيسَى يَحْلِفَانِ، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ.
وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا أَيْ فِي صِيَغِ الْإِقْرَارِ (كَ) الِاسْتِثْنَاءِ فِي صِيَغِ (غَيْرِهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي كَوْنِهِ بِإِحْدَى أَدَوَاتٍ مَخْصُوصَةٍ وَشَرْطُ اتِّصَالِهِ وَالنُّطْقُ بِهِ وَإِنْ سَرَّ أَوْ قَصَدَهُ وَعَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ. ابْنُ شَاسٍ إذَا اسْتَثْنَى مِنْ الْإِقْرَارِ مَا لَا يَسْتَغْرِقُ صَحَّ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً فَيَلْزَمُهُ وَاحِدٌ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ تِسْعَةٌ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً إلَّا سِتَّةً إلَّا خَمْسَةً إلَّا أَرْبَعَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا اثْنَيْنِ، إلَّا وَاحِدًا لَزِمَهُ خَمْسَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى قَوَاعِدِهِ وَتَقَدَّمَ مِنْهُ فِي الطَّلَاقِ، وَإِيجَازُ تَحْصِيلِهِ جَوَازُ اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ فِي غَيْرِ الْعَدَدِ اتِّفَاقًا. وَفِي كَوْنِهِ فِيهِ كَغَيْرِهِ وَقَصْرُ جَوَازِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْكَسْرِ أَوْ شَبَهِهِ كَكَوْنِ الْمُسْتَثْنَى قَبْلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِمَرْتَبَتَيْنِ قَوْلَا الْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ مَعَ أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الطَّيِّبِ، وَفِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ قَوْلَا الْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَحْمَدَ. الْمَازِرِيُّ اعْتَذَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ فِي حُكْمِهِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي اسْتِعْمَالِ الْعُرْفِ إيَّاهُ وَأَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا تِسْعِينَ إنَّمَا تَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ.
قُلْت وَحَكَى فِي الْمَحْصُولِ وَالْمُسْتَصْفَى الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ وَاحِدٍ فَقَطْ فِي عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً، وَرَدَّهُ ابْنُ التِّلِمْسَانِيُّ بِأَنَّ خِلَافَ أَحْمَدَ يَمْنَعُ تَقَرُّرَ الْإِجْمَاعِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُسْتَغْرِقِ طَرِيقَانِ الْأَكْثَرُ عَلَى نَقْلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِهِ الْقَرَافِيُّ حَكَى ابْنُ طَلْحَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَدْخَلِ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَنْفَعُهُ وَالْآخَرُ لَا يَنْفَعُهُ وَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ. الْقَرَافِيُّ وَنَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنْعِهِ فِي الْمَذْكُورِ بِعَيْنِهِ عَطْفًا كَقَوْلِهِ قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَخَالِدٌ إلَّا عُمْرًا، وَجَوَّزَ أَصْحَابُنَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً، وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ خِلَافًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute