للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

لِسُكُوتِهِ حِينَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي السُّكُوتِ هَلْ يُعَدُّ إذْنًا فِي الشَّيْءِ وَإِقْرَارًا عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ، وَأَحَدُهُمَا أَنَّهُ إذْنٌ، وَثَانِيهَا لَيْسَ بِإِذْنٍ وَأَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ، لِأَنَّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» ، دَلِيلًا عَلَى أَنَّ غَيْرَهَا بِخِلَافِهَا فِي الصَّمْتِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى هَذَا فِي النِّكَاحِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقَاسَ مَا عَدَاهُ عَلَيْهِ إلَّا مَا يُعْلَمُ بِمُسْتَقَرِّ الْعَادَةِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَسْكُتُ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضًا مِنْهُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ السُّكُوتَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ بِهِ كَمَنْ يَرَى حَمْلَ امْرَأَتِهِ وَيَسْكُتُ وَلَا يُنْكِرُهُ ثُمَّ يُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ اهـ.

ثُمَّ قَالَ وَفِي مَذْهَبِ ابْنِ رَاشِدٍ عَنْ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ سُئِلَ عِنْدَ مَوْتِهِ هَلْ لِأَحَدٍ عِنْدَك شَيْءٌ فَقَالَ لَا، قِيلَ وَلَا لِامْرَأَتِك وَهِيَ سَامِعَةٌ سَاكِتَةٌ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ أَنَّ حَقَّهَا عَلَيْهِ إلَى الْآنِ وَتَأْخُذُهُ إنْ قَامَتْ لَهَا بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهَا، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فُلَانٌ السَّاكِنُ فِي مَنْزِلِك بِمَ أَسْكَنْته فَقَالَ أَسْكَنْته بِلَا كِرَاءٍ وَالسَّاكِنُ سَامِعٌ لَمْ يُنْكِرْ وَلَمْ يُغَيِّرْ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ فَقَالَ لَا يَقْطَعُ سُكُوتُهُ دَعْوَاهُ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ، وَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ يُلَاعِبُهُ، زَادَ ابْنُ سَلْمُونٍ كَتَبَ شَجَرَةُ إلَى سَحْنُونٍ فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَتِهِ وَهِيَ سَامِعَةٌ سَاكِتَةٌ فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ أَنَا حُرَّةٌ فَقَالَ لَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهَا، وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ التُّونُسِيِّ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ قُسِمَ بَعْضُ عَقَارِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ حِينَ قِسْمَتِهِ لَمْ يَتَكَلَّمْ ثُمَّ تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ تَرَكَ الْكَلَامَ، فَإِنَّ بَاقِيَ الْعَقَارِ لَمْ يُقْسَمْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ إذَا دَفَعَ وَدِيعَةً لِرَسُولٍ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا فَأَعْلَمَهُ بِهِ فَسَكَتَ ثُمَّ طَالَبَهُ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا أَمَرَ الرَّسُولَ بِقَبْضِهَا وَمَا كَانَ سُكُوتُهُ رِضًا بِقَبْضِهِ، ثُمَّ يُغَرِّمُهُ، وَلَوْ عَلِمَ بِهِ وَقَالَ لِلدَّافِعِ كَلِّمْ فُلَانًا الْقَابِضَ يَحْتَالُ لِي فِي الْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْك كَانَ رِضًا بِقَبْضِهِ فَيَطْلُبُهُ بِهِ، وَبَرِئَ الدَّافِعُ وَمِثْلُهُ فِي النَّوَادِرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>