للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ

ــ

[منح الجليل]

أَنَّ الْقَائِلَ بِنَفْيِ الْقَافَةِ بَيْنَ الْحَرَائِرِ قَالَهُ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَحِلُّ الْكَلَامِ فِي مُتَزَوِّجَةٍ فِي عِدَّتِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمَةَ إذَا بِيعَتْ بَعْدَ وَطْئِهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ وَوَطِئَهَا الْمُبْتَاعُ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ دَعَتْ لَهُ الْقَافَةَ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ حَيْضِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ، وَالثَّانِي لَا فِرَاشَ لَهُ، هَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي هَذَا الْفَرْضِ فَقَطْ، وَمُرَادُهُمْ الْمُتَزَوِّجَاتُ وَلَوْ كُنَّ إمَاءً لِأَنَّهُنَّ لَهُنَّ فِرَاشٌ حِينَئِذٍ.

أَمَّا فِي غَيْرِ هَذَا الْفَرْضِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِمَاءِ وَالْحَرَائِرِ، وَمِنْهُ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُقَامُ مِنْهُ الْقَافَةُ فِي الْحَرَائِرِ لِأَنَّ مَا اعْتَلَّ بِهِ التَّفْرِقَةُ وَهُوَ قُوَّةُ فِرَاشِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَعْدُومٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَا مَزِيَّةَ فِي هَذِهِ لِأَحَدِ الْفِرَاشَيْنِ عَلَى الْآخَرِ اهـ، ثُمَّ قَالَ فَظَهَرَ لَك أَنَّ اعْتِرَاضَهُ عَلَى الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَأَنَّ الْمُعَارَضَةَ ظَاهِرَةٌ كَمَا قَالَ " ح " وَغَيْرُهُ، وَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ لَا تَكُونُ الْقَافَةُ بَيْنَ، الْحَرَائِرِ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يُفْهَمُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقَافَةَ تَكُونُ بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ فَقَطْ كَمَا سَبَقَ إلَى ذِهْنِ كُلِّ قَاصِرٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ إلَخْ، إذْ مَوْضُوعُهَا فِي الْأَمَةِ يَطَؤُهَا الشَّرِيكَانِ كَمَا ذَكَرْت لَك عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَلَا تَدْخُلُ فِي الْحُرَّةِ يَطَؤُهَا الزَّوْجَانِ فَمُرَادُهُمْ لَا تَدْخُلُ فِي الْحَرَائِرِ أَيْ الْحُرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ وَالْمُرَادُ كَمَا سَبَقَ الْمُتَزَوِّجَةُ وَلَوْ أَمَةً مَا عَدَا هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرَائِرِ، وَالْإِمَاءِ فَتَدْخُلُ فِي الْمَرْأَتَيْنِ إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ زَوْجٌ وَاخْتَلَطَ وَلَدَاهُمَا حُرَّتَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَكَذَا بَيْنَ الْأَمَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ نِكَاحِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِسَيِّدِهَا وَبَيْنَ الْحُرَّةِ الْأَمَةِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ، إذْ فِي هَذَا كُلِّهِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِ الْفِرَاشَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

(وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ) فِي الْإِلْحَاقِ (عَلَى) مُشَابَهَةِ (أَبٍ) حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ (لَمْ يُدْفَنْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ لَا عَلَى شَبَهِ عَصَبَةِ الْأَبِ الْمَدْفُونِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ قَالَهُ تت. " ق " سَحْنُونٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا تُلْحِقُ الْقَافَةُ الْوَلَدَ إلَّا لِأَبٍ حَيٍّ، فَإِنْ مَاتَ فَلَا كَلَامَ لِلْقَافَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ قَرَابَتِهِ إذْ لَا تُعْتَمَدُ عَلَى شَبَهِ غَيْرِ الْأَبِ. الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي قَصْرِ الْقَافَةِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>