. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
ضَمَانِ الْقَابِلِ عِنْدَ مُوجِبِ الضَّمَانِ وَنَفْيِهِ عِنْدَ نَفْيِهِ عَدَمَ حَجْرِهِ وَحَجْرِ الْفَاعِلِ.
١ -
الثَّانِي: الْحَطّ فِي الْكِتَابِ أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَالْمُودِعُ وَالْمُودَعُ، أَمَّا الصِّيغَةُ فَهِيَ لَفْظٌ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ دَالٌّ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي حِفْظِ الْمَالِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْوَدِيعَةُ تَفْتَقِرُ لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَالْوَكَالَةِ، وَأَصْلُنَا يَقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فِيهِمَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ. اهـ. وَاتَّفَقَ أَنَّ رَجُلًا جَالِسًا فَوَضَعَ آخَرُ أَمَامَهُ مَتَاعًا وَذَهَبَ فَتَرَكَهُ الْجَالِسُ فَضَاعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ لِدَلَالَةِ سُكُوتِهِ حِينَ وَضَعَهُ عَلَى قَبُولِ إيدَاعِهِ عِنْدَهُ.
الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ حُكْمُ الْإِيدَاعِ وَقَبُولُهُ الْإِبَاحَةُ، وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهُ كَخَائِفٍ فَقْدَ مَالٍ مُوجِبٍ هَلَاكًا أَوْ فَقْرًا إنْ لَمْ يُودِعْهُ مَعَ وُجُودِ قَابِلٍ لَهُ قَادِرٍ عَلَى حِفْظِهِ وَحُرْمَتِهِ، كَإِيدَاعِ مَغْصُوبٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى جَحْدِهِ لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ إنْ كَانَ الْمُودِعُ مُسْتَغْرِقَ الذِّمَّةِ، فَقَدْ ذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ مَنْ قَبِلَ وَدِيعَةً مِنْ مُسْتَغْرِقِ ذِمَّتِهِ ثُمَّ رَدَّهَا لَهُ يَضْمَنُهَا لِلْفُقَرَاءِ.
ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ سَأَلَ قَبُولَ وَدِيعَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ. قُلْتُ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ قَبُولُهَا بِخَوْفِ هَلَاكِهَا إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى حِفْظِهَا كَرُفْقَةٍ فِيهَا مَنْ يَحْتَرِمُهُ مَنْ أَغَارَ عَلَيْهَا أَوْ ذِي حُرْمَةٍ حَاضِرَةٍ تَعَرَّضَ ظَالِمٌ لِبَعْضِ أَهْلِهَا، وَنَدْبُهُ حَيْثُ يَخْشَى مَا يُوجِبُهُ دُونَ تَحَقُّقِهِ، وَكَرَاهَتُهُ حَيْثُ يَخْشَى مَا يُحَرِّمُهُ دُونَ تَحَقُّقِهِ. اهـ. بِتَصَرُّفٍ.
ابْنُ الْمُمْسِي اسْتَشَارَهُ جَارُهُ فِي قَبُولِ وَدِيعَةِ دِينَارٍ مِنْ غَاصِبٍ يَخْشَى ضَرَرَهُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُمْسِي يَا أَخِي إنْ كُنْت تَقْدِرُ عَلَى غُرْمِهَا فَخُذْهَا مِنْهُ وَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا طَلَبَهَا الْمُودِعُ فَاغْرَمْ لَهُ عِوَضَهَا مِنْ مَالِكَ. وَقَدْ سُئِلَ أَصْحَابُ سَحْنُونٍ عَنْ رَجُلٍ سُرِقَ مَتَاعُهُ وَمِنْهُ ثَوْبُ دِيبَاجٍ ثُمَّ رَأَى الثَّوْبَ فِي يَدِ جُنْدِيٍّ فَجَزَمَ بِأَنَّهُ ثَوْبُهُ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ، وَلَمَّا فَارَقَهُ تَأَمَّلَهُ فَوَجَدَهُ غَيْرَ ثَوْبِهِ فَرَجَعَ إلَى الْجُنْدِيِّ وَقَالَ أَمَا ظَنَنْتُهُ ثَوْبِي فَاشْتَرَيْتُهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ غَيْرُهُ، فَقَالَ لَهُ الْجُنْدِيُّ لَا بَأْسَ عَلَيْك، وَحَلَّ مِنْطَقَتَهُ وَصَبَّ مِنْهَا دَنَانِيرَ وَعَدَّ سَبْعَةً مِنْهَا فَأَعْطَاهَا لَهُ وَأَخَذَ الثَّوْبَ، فَاتَّفَقَ أَصْحَابُ سَحْنُونٍ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالدَّنَانِيرِ وَبِقِيمَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ رَدَّهُ إلَى غَيْرِهِ مَالِكِهِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ غَصَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute