للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا أَوْ سَفَرِهِ، إنْ قَدَرَ

ــ

[منح الجليل]

بِدَرَاهِمَ لَهُ فِي كِيسٍ فَلَا يَضْمَنُ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَازَ قَيْدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اللَّخْمِيُّ إذَا خَلَطَ الدَّرَاهِمَ بِمِثْلِهَا أَوْ الطَّعَامَ بِمِثْلِهِ ثُمَّ ضَاعَ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْبَاقِي بِقَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَاخْتَلَفَ فِي هَذَا مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِأَنَّهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ قَبْلَ الضَّيَاعِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ، وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهَا فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ.

قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ اخْتَلَطَ لَهُ دِينَارٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ ضَاعَ مِنْهَا دِينَارٌ فَهُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ صَاحِبُ الْوَاحِدِ بِجُزْءٍ مِنْ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ، وَصَاحِبُ الْمِائَةِ بِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ مَسْلَمَةَ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِينَارًا. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ أَوْ لَوْ وَيَقْتَسِمَانِ دِينَارًا لَمْ يَبْقَ إلَّا دِينَارٌ لَقُسِمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدَّعِيه لِنَفْسِهِ. (تَنْبِيهٌ)

إذَا خَلَطَتْ الْوَدِيعَةُ بِمَا لَا يَجُوزُ خَلْطُهَا بِهِ، وَقُلْنَا يَضْمَنُهَا فَلَيْسَ مَعْنَاهُ يَضْمَنُهَا إلَّا إذَا تَلِفَتْ، بَلْ يَضْمَنُهَا بِهِ بِمُجَرَّدِ خَلْطِهَا، قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَتَانِ قَمْحٌ وَشَعِيرٌ فَخَلَطَهُمَا ضَمِنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَ مَالِهِ اهـ حط.

(وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (انْتِفَاعِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ وَتَلَفُهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ كَطَعَامٍ أَكَلَهُ أَوْ مُقَوَّمَةً كَدَابَّةٍ رَكِبَهَا وَثَوْبٍ لَبِسَهُ فِيمَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ فَتَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَوْدَعَك عَبْدًا فَبَعَثْتَهُ فِي سَفَرٍ أَوْ أَمْرٍ يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ ضَمِنْتَهُ وَأَمَّا إنْ بِعْتَهُ لِشِرَاءِ بَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ حَاجَةٍ تَقْرُبُ مِنْ مَنْزِلِك فَلَا تَضْمَنُ، لِأَنَّ الْغُلَامَ لَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِمِثْلِ هَذَا فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ. ابْنُ نَاجِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ يَعْطَبُ بِمِثْلِهِ غَالِبًا، وَالْمُرَادُ هَلَكَ بِسَبَبِ مَا بَعَثْته فِيهِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي ضَمَانِهِ، وَأَمَّا لَوْ بَعَثْته فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ نَادِرًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ. وَاخْتَلَفَ إذَا هَلَكَ فِي اسْتِعْمَالِهِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِالْعَدَاءِ كَغَاصِبٍ وَاعْتِبَارُ غَالِبِ السَّلَامَةِ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ خَاصٌّ بِالرَّقِيقِ وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ تَعْلِيلُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ سَفَرِهِ) أَيْ الْمُودَعِ (بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ فَتَلِفَتْ مِنْهُ فَيَضْمَنُهَا (إنْ قَدَرَ) الْمُودَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>