وَإِنْ بَعَثْت إلَيْهِ بِمَالٍ، فَقَالَ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ وَأَنْكَرْت: فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ،
ــ
[منح الجليل]
رَجَعَ عَلَى مُتْلِفِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الرَّسُولِ، وَاخْتَلَفَ إذَا رَجَعَ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى الرَّسُولِ هَلْ يَرْجِعُ الرَّسُولُ عَلَى مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ، فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَرْجِعُ وَأَرَى الرُّجُوعَ فِي هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ الْأَرْبَعَةِ مُفْتَرِقًا فَيَسْقُطُ رُجُوعُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَعْتَرِفُ فِيهِ الْمُودَعُ بِأَنَّ الْقَابِضَ قَبَضَ صَحِيحًا بِأَنْ دَفَعَ لَهُ بِخَطِّ الْمُودِعِ أَوْ أَمَارَتِهِ، أَوْ بِقَوْلِهِ لَهُ ادْفَعْهَا لَهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهَا لَهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ أَرْسَلَنِي إلَيْك فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ حَمَلْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُودِعَ مُصَدِّقٌ لَهُ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ يُخَالِفُك مَا دَفَعْتُهَا إلَيْكَ.
الْخَامِسُ: فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ لَا يَجُوزُ لِلْمُودَعِ دَفْعُ الْوَدِيعَةِ بِأَمَارَةٍ أَوْ بِكِتَابٍ، فَإِنْ فَعَلَ وَجَاءَ الْمُودِعُ وَأَنْكَرَ حَلَفَ مَا أَمَرَهُ وَلَا كَتَبَ إلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ وَغَرَّمَهُ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُودَعُ عَلَى الْقَابِضِ مِنْهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ تَصْدِيقُهُ فِيمَا أَتَى بِهِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ بِصِحَّةِ مَا جَاءَ بِهِ وَشَهَادَتُهُ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ. اهـ. وَذَكَرَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، ثُمَّ قَالَ وَكَذَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَالْوَكِيلُ وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى الدَّفْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْمُرْسَلِ.
السَّادِسُ: يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ مِنْ التَّلَفِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّهَا فِيهِ وَيَضْمَنُهَا إنْ أَتْلَفَهَا. ابْنُ سَلْمُونٍ فِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ إنْ قَالَ رَبُّهَا لِلْمُودَعِ أَلْقِهَا فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي النَّارِ فَفَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ كَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي أَوْ وَلَدِي وَلَا شَكَّ فِي الْحُرْمَةِ. وَأَمَّا الضَّمَانُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ دُخُولُ الْخِلَافِ فِيهِ لِإِذْنِ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ كَمَنْ أَذِنَ لِرَجُلٍ فِي قَطْعِ يَدِهِ. .
(وَإِنْ بَعَثْتَ إلَيْهِ) أَيْ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَعَثْتَ (بِمَالٍ) وَقَبَضَهُ مِنْ الرَّسُولِ ثُمَّ اخْتَلَفْتُمَا (فَقَالَ) الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ الْمَالُ (تَصَدَّقْتَ) يَا بَاعِثُ (بِهِ) أَيْ الْمَالِ (عَلَيَّ) بِشَدِّ الْيَاءِ (وَأَنْكَرْتَ) يَا بَاعِثُ التَّصَدُّقَ بِهِ عَلَيْهِ، وَقُلْتَ بَلْ هِيَ وَدِيعَةٌ تَحْفَظُهَا لِي وَآخُذُهَا مِنْك مَتَى شِئْتَ (فَالرَّسُولُ) الْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْمَالَ (شَاهِدٌ) بَيْنَكُمَا إمَّا بِالصَّدَقَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ، فَإِنْ شَهِدَ بِالصَّدَقَةِ حَلَفَ عَلَيْهَا الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ وَتَمَّتْ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ لِلْبَاعِثِ بِلَا يَمِينٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute