. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
إنَّمَا أَجَازَ شَهَادَتَهُ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الدَّفْعِ فَدَفَعَ وَالْمَالُ حَاضِرٌ لَمْ يُسْتَهْلَكْ بِدَفْعِهِ عَلَى حُجَّةِ التَّمْلِيكِ.
(تَنْبِيهَاتٌ)
الْأَوَّلُ: تت هَذَانِ التَّأْوِيلَانِ لَيْسَا كَعَادَتِهِ، بَلْ عَادَتُهُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَقُولَ وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ.
الثَّانِي: عِيَاضٌ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ شَهَادَتِهِ بِكُلِّ حَالٍ، وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَهَا الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ لِإِقْرَارِ رَبِّهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ ذُكِرَ. وَذَهَبَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الرَّسُولِ بَعْدُ لَمْ يَدْفَعْهُ، أَوْ أَنَّهُمَا حَاضِرَانِ وَالْمَالُ حَاضِرٌ، وَلَوْ أَنْفَقَهُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ. وَتَأَوَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَوْلَ أَشْهَبَ بِقَرِيبٍ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ عَلَيْهِ عَدِيمٌ وَقَدْ أَتْلَفَ الْمَالَ وَلَا بَيِّنَةَ لِلرَّسُولِ عَلَى الدَّفْعِ. وَأَمَّا وَهُوَ مَلِيٌّ أَوْ قَامَتْ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وِفَاقًا عَلَى نَحْوِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ مَفْهُومُ كِتَابِ مُحَمَّدٍ.
الثَّالِثُ: أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ جَعَلَهُ يَحْلِفُ هُنَا، وَهَلْ هِيَ يَمِينٌ غَمُوسٌ، أَوْ إنَّمَا يَحْلِفُ إذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، وَاخْتَلَفَ فِي الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ.
الرَّابِعُ: فِيهَا مَنْ أَوْدَعَك مَالًا وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى فُلَانٍ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ حَلَفَ فُلَانٌ مَعَ شَهَادَتِك وَاسْتَحَقَّهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا، أَوْ إنْ كَانَ غَائِبًا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُك لَهُ إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ تَنْتَفِعُ أَنْتَ فِي مِثْلِهَا. أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ لَا تَنْتَفِعُ فِي مِثْلِهَا فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ. عَبْدُ الْحَقِّ سَأَلْتُ بَعْضَ شُيُوخِنَا فَقُلْتُ أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ لِلسُّلْطَانِ خُذْهَا مِنْ يَدِي لَا أُرِيدُ إمْسَاكَهَا، فَقَالَ إنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ حِينَ أَتَى يَشْهَدُ بِأَنْ قَالَ لِلْحَاكِمِ أَوْدَعَنِي فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ شَهِدَ وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute