وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ
ــ
[منح الجليل]
تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَدَّى عَلَى السُّكْنَى فَلَا يَكُونُ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ غَاصِبِ السُّكْنَى، فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَدَاؤُهُ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا فَلَا يَبْقَى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي السُّكْنَى وَرَفْعِ الْكِرَاءِ.
طفى فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ صَرَّحَ بِهِ لِرَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فَقَطْ لَا فِي نَفْيِ الْكِرَاءِ. الْبُنَانِيُّ فِي ضَيْحٍ أَيْ وَإِنْ رَكِبَ إلَى الْغَايَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَهَذَا الْحُكْمُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ بِهِ، بَلْ قَالَ وَجَدْت فِي مَسَائِلَ عَبْدِ الرَّحِيمِ ذَلِكَ نَعَمْ ظَاهِرُ الْحَالِ أَنَّهُ قَائِلٌ بِذَلِكَ. وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ، وَأَنَّ سَحْنُونًا وَأَشْهَبَ قَالَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ فَقَطْ، وَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ فِي الْكِرَاءِ يَحْلِفُ الْمُسْتَعِيرُ لِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ وَالْمُعِيرُ لِأَخْذِ الْكِرَاءِ.
وَبَالَغَ عَلَى كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمَالِكِ إذَا تَنَازَعَا فِي زَائِدِ الْمَسَافَةِ قَبْلَ رُكُوبِهَا، وَكَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَهُ إنْ كَانَ قَبَضَهَا الْمُسْتَعِيرُ بِنَفْسِهِ مِنْ مَالِكِهَا الْمُعِيرِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ قَبَضَهَا (بِرَسُولٍ) مِنْ الْمُسْتَعِيرِ لِلْمُعِيرِ (مُخَالِفٍ) لِلْمُعِيرِ إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ الزِّيَادَةِ، وَلِلْمُسْتَعِيرِ إنْ تَنَازَعَا بَعْدَهَا فَتُلْغَى شَهَادَتُهُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. " ق " أَشْهَبُ مَنْ بَعَثَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ يُعِيرُهُ دَابَّةً إلَى بَرْقَةَ فَأَعَارَهُ فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ إلَى بَرْقَةَ فَعَطِبَتْ فَقَالَ الْمُعِيرُ إنَّمَا أَعَرْته إلَى فِلَسْطِينَ، وَقَالَ الرَّسُولُ إلَى بَرْقَةَ فَشَهَادَةُ الرَّسُولِ هُنَا لَا تَجُوزُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَيَحْلِفُ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ مَا اسْتَعَارَهَا إلَّا لِبَرْقَةَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ.
فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِرَسُولٍ مُوَافِقٍ أَوْ مُخَالِفٍ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَسَاوِي الْحُكْمِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَشْهَبَ صَحِيحٌ، وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ بَعَثَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ لِيُعِيرَهُ دَابَّتَهُ إلَى بَرْقَةَ فَقَالَ الرَّسُولُ إلَى فِلِسْطِينَ فَعَطِبَتْ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ وَاعْتَرَفَ الرَّسُولُ بِالْكَذِبِ ضَمِنَهَا، وَإِنْ قَالَ بِذَلِكَ أَمَرْتَنِي وَأَكْذَبَهُ الْمُعِيرُ فَلَا يَكُونُ الرَّسُولُ شَاهِدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute