أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ
ــ
[منح الجليل]
أُمُورِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ. ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَقْيَسُ وَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَبِهِ أَقُولُ.
(أَوْ أَكْرَهَ) شَخْصٌ شَخْصًا (غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ) أَيْ إتْلَافِ شَيْءٍ لِغَيْرِ الْمُكْرَهِ فَيَضْمَنُهُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ إنْ كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ عَدِيمًا، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَغْرِيمِهِ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُ تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشِرِ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ. " ق " سُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْعُمَّالِ أَكْرَهَ رَجُلًا أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ رَجُلٍ لِيُخْرِجَ مِنْهُ مَتَاعًا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ فَأَخْرَجَهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ عُزِلَ ذَلِكَ الْعَامِلُ الْغَاصِبُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ طَلَبُ مَالِهِ مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُبَاشِرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ، وَلِلْمُبَاشِرِ طَلَبُ الْعَامِلِ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ غَائِبًا لِأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا الْمَأْخُوذُ بِهِ إذَا جَاءَ صَاحِبُهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّهُ يُوقَفُ لِصَاحِبِهِ عِنْدَ أَمِينٍ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ الْمُبَاشِرُ.
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ تَمْكِينُهُ مِنْهُ وَلِسَحْنُونٍ أَيْضًا مَنْ أَكْرَهَ عَلَى رَمْيِ مَالِ غَيْرِهِ فِي مَهْلَكَةٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ رَبِّهِ بِلَا إكْرَاهٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ، وَإِنْ أَكْرَهَ رَبَّهُ عَلَى الْإِذْنِ فَالْفَاعِلُ ضَامِنٌ، فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْفَاعِلِ إذَا أَيْسَرَ. ابْنُ عَرَفَةَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ عَدِيمًا أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ هُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي نَوَازِلِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَالَ الْمُكْرَهَ عَلَى أَخْذِهِ قَبَضَهُ الْآمِرُ الْمُكْرِهُ فِي مَسْأَلَةِ نَوَازِلِهِ فَنَاسَبَ كَوْنَهُ أَحَدَ الْغَرِيمَيْنِ عَلَى السَّوِيَّةِ. اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ وَالْمَالُ الْمُكْرَهُ عَلَى أَخْذِهِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَيْسَ مَآلُهُ لِانْتِفَاعِ الْآمِرِ بِهِ، فَنَاسَبَ كَوْنَ غُرْمِهِ مَشْرُوطًا بِفَلَسِ الْفَاعِلِ.
فَإِنْ قُلْت فِي ضَمَانِ الْفَاعِلِ مَعَ اسْتِنَادِهِ لِإِذْنِ الْمَالِكِ الْمُكْرَهِ عَلَى إذْنِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ وَإِذْنِ الْمَالِكِ سَبَبٌ عَنْ إكْرَاهِ الْآمِرِ لَهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِعْلُ الْمُكْرَهِ لَغْوًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاعِلِ وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا كَانَ إذْنُ الْمَالِكِ مُعْتَبَرًا، وَمَتَى كَانَ مُعْتَبَرًا لَمْ يَكُنْ الْفَاعِلُ مُتَعَدِّيًا فَلَا يَضْمَنُ. قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَوْلًا كَانَ لَغْوًا، وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute