وَإِنْ ضَيَّعَ كَغَزْلٍ وَحُلِيٍّ وَغَيْرِ مِثْلِيٍّ: فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ،
ــ
[منح الجليل]
كَالذِّمِّيِّ فِي التَّخْيِيرِ، فَلَوْ قَالَ كَتَخَلُّلِهَا لِكَافِرٍ لَكَانَ أَحْسَنَ.
أَشْهَبُ إنْ غَصَبَ مُسْلِمٌ خَمْرًا لِذِمِّيٍّ فَتَخَلَّلَهَا خُيِّرَ الذِّمِّيُّ فِي أَخْذِهَا خَلًّا وَقِيمَتِهَا يَوْمَ غَصْبِهَا، وَفِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ اسْتَهْلَكَ مُسْلِمٌ خَمْرًا لِذِمِّيٍّ أُغْرِمَ قِيمَتَهَا الْمَازِرِيُّ إنْ غَصَبَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا وَأَمْسَكَهَا حَتَّى تَخَلَّلَتْ لَوَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَنْ غَصَبَهَا مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ غَصَبَ خَمْرًا فَفِي كَوْنِهَا يَتَخَلَّلُهَا عِنْدَ غَاصِبِهَا لَهُ أَوْ لِرَبِّهَا. ثَالِثُهَا إنْ تَسَبَّبَ لِتَخْرِيجِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ وَالْمَعْرُوفِ. وَمَفْهُومِ تَعْلِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ.
وَشَرَعَ فِي بَيَانِ ضَمَانِ الْمُقَوَّمِ الْمَغْصُوبِ فَقَالَ (وَإِنْ ضَيَّعَ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً فَعَيْنٌ مُهْمَلَةٌ، أَيْ أَتْلَفَ الْغَاصِبُ مَغْصُوبًا مُقَوَّمًا (كَغَزْلٍ وَحُلِيٍّ وَغَيْرِ مِثْلِيٍّ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ كَعَرْضٍ وَحَيَوَانٍ (فَقِيمَتُهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ تَلْزَمُ الْغَاصِبَ مُعْتَبَرَةٌ (يَوْمَ غَصْبِهِ) عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ أَشْهَبُ تَلْزَمُهُ أَعْلَى قِيمَةٍ مَضَتْ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ غَصْبِهِ إلَى يَوْمِ تَلَفِهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ تت ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ وَقَفَ عَلَى خَطِّ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ مُشَدَّدَةٌ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَغَيْرُ بِالرَّفْعِ وَغَصَبَهُ فِعْلٌ مَاضٍ. طفي قَوْلُهُ وَغَيْرُ بِالرَّفْعِ هَكَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا مِنْ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ، وَأَصْلُهُ تَصْحِيفٌ، إذْ الرَّفْعُ لَا يُلَائِمُ بِنَاءَ ضَيَّعَ لِلْفَاعِلِ.
الْحَطّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَأَى خَطَّ الْمُصَنِّفِ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَصَبَ غَزْلًا ثُمَّ ضَاعَ بِسَبَبِ الْغَاصِبِ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ قِيمَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَكَذَا الْحُلِيُّ إذَا غَصَبَهُ وَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ قِيمَتِهِ، وَنَبَّهَ بِالْغَزْلِ وَالْحُلِيِّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمِثْلِيِّ إذَا صُنِعَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُقَوَّمًا " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا صَنَعَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلنَّائِبِ، فَيَنْبَغِي نَصْبُ لَفْظِ غَيْرِ عَلَى الْأَوَّلِ وَرَفْعُهُ عَلَى الثَّانِي عَلَى حَسَبِ مَحِلِّ الْكَافِ، وَكَأَنَّهُ مِنْ بَابِ عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا، أَيْ أَوْ فَوَّتَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ، وَإِنَّمَا خَصَّ الصَّنْعَةَ أَوَّلًا نَظَرًا إلَى الْغَالِبِ، وَفَرَّ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا التَّخْصِيصِ فَضَبَطَ ضَيَّعَ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةً مَبْنِيًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute