وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ كَمَرْكَبٍ نَخِرٍ، وَأَخَذَ مَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ،
ــ
[منح الجليل]
وَ) لَهُ (كِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ) دَارًا أَوْ نَحْوَهَا وَسَكَنَهَا الْغَاصِبُ أَوْ اسْتَغَلَّهَا. اللَّخْمِيُّ لَمْ أَعْلَمْهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَاهَا ثُمَّ سَكَنَ أَوْ اسْتَغَلَّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ سِوَى غَلَّةِ الْقَاعَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ خَاصَّةً، فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً وَبَنَى فِيهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ غَرَسَ فَلْيَقْتَسِمَا، فَإِنْ وَقَعَ بِنَاؤُهُ أَوْ غَرْسُهُ فِي حِصَّتِهِ دَفَعَ لِشَرِيكِهِ أُجْرَةَ الْأَرْضِ فِيمَا مَضَى، وَإِنْ وَقَعَ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ خُيِّرَ مَنْ وَقَعَتْ فِي حِصَّتِهِ بَيْنَ دَفْعِ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا أَوْ أَمْرِهِ بِقَلْعِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ فِيمَنْ غَصَبَ بِنَاءً خَرِبًا وَأَصْلَحَهُ وَاغْتَلَّهُ فَقَالَ أَشْهَبُ مَا زَادَ فِي غَلَّتِهِ فَلِلْغَاصِبِ كَسَاحَةٍ يَعْمُرْهَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْجَمِيعُ لِلْمَالِكِ وَوَافَقَ أَصْبَغُ أَشْهَبَ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَبْيَنُ فَيُقَوَّمُ الْأَصْلُ قَبْلَ إصْلَاحِهِ فَيُنْظَرُ مَا كَانَ يُؤَاجَرُ بِهِ مِمَّنْ يُصْلِحُهُ فَيَغْرَمُهُ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِلْغَاصِبِ. وَرَأَى مُحَمَّدٌ أَنَّ جَمِيعَ الْغَلَّةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَهُ أَخْذُ الدَّارِ مُصْلَحَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَةُ مَا لَوْ نَزَعَهُ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ وَرَأَى الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّ الْبِنَاءَ بِقِيمَتِهِ فَتَكُونُ غَلَّتُهُ لَهُ.
وَشَبَّهَ فِي أَنَّ كِرَاءَ الْأَصْلِ الْخَرِبِ لِمَنْ يُصْلِحُهُ لِلْمَالِكِ وَالزَّائِدَ بِالْإِصْلَاحِ لِلْغَاصِبِ فَقَالَ (كَمَرْكَبٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ سَفِينَةٍ (نَخِرٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ بَالٍ مُتَخَرِّبٍ غَصَبَهُ وَأَصْلَحَهُ وَاسْتَغَلَّهُ فَغَلَّةُ الْأَصْلِ لِلْمَالِكِ وَالزَّائِدُ لِلْغَاصِبِ بِأَنْ يُقَالَ كَمْ تُسَاوِي أُجْرَتُهُ نَخِرًا لِمَنْ يُعَمِّرُهُ وَيَسْتَغِلُّهُ، فَمَا قِيلَ لَزِمَ الْغَاصِبَ لَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْجَمِيعُ لِلْمَالِكِ. اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلُ أَبْيَنُ. ابْنُ رَاشِدٍ أَقْيَسُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِي أَظْهَرُ. (وَ) إذَا أَخَذَ الْمَالِكُ الْمَرْكَبَ (أَخَذَ) مَعَهُ بِلَا عِوَضٍ (مَا) أَيْ الْمُصْلَحَ بِهِ الَّذِي (لَا عَيْنَ) أَيْ ذَاتَ (لَهُ) بَعْدَ قَلْعِهِ (قَائِمَةٌ) أَيْ لَهَا قِيمَةٌ كَالزِّفْتِ وَالْقُلْفُطَةِ. وَأَمَّا مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَالْحِبَالِ وَالْمَجَاذِيفِ وَالسَّوَارِي وَالْقِلَاعِ وَالْهُلْبِ الَّذِي يُرْمَى فِي الْبَحْرِ لِحَبْسِ الْمَرْكَبِ عَنْ السَّيْرِ فَلِلْغَاصِبِ أَخْذُهُ إنْ كَانَ الْمَرْكَبُ فِي مَرْسَى بَلَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ وَتَوَقَّفَ سَيْرُهُ إلَى بَلَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ بَدَلَهُ يُسَيِّرُهَا بِهِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute