للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجُلُوسٌ لَهَا، لَا لِتَعْلِيمٍ. وَأُقِيمَ الْقَارِئُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ،

وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ رِوَايَتَانِ.

ــ

[منح الجليل]

الْأَعْرَافِ إنْ لَمْ تُؤَدِّ إلَى تَقْطِيعِ الْكَلِمَاتِ وَإِلَّا حُرِّمَتْ. وَأَمَّا اجْتِمَاعُ جَمَاعَةٍ يَقْرَأُ أَحَدُهُمْ رُبُعَ حِزْبٍ مَثَلًا وَالْآخَرُ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا فَقِيلَ مَكْرُوهٌ. وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَوَازَهُ الْبُنَانِيُّ هُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا وَجْهَ لِكَرَاهَتِهِ. قُلْت وَجْهُهَا مُخَالَفَتُهُ لِلْعَمَلِ فِي مُدَارَسَةِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَتَرْكِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَتَأْدِيَتِهِ إلَى الْمُبَاهَاةِ وَالْمُنَافَسَةِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ (وَ) كُرِهَ (جُلُوسٌ) أَيْ اسْتِمَاعُ قِرَاءَةٍ (لَهَا) أَيْ السَّجْدَةِ خَاصَّةً (لَا لِتَعْلِيمٍ) وَلَا لِتَعَلُّمٍ وَلَا لِقَصْدِ ثَوَابٍ فَإِنْ كَانَ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يُكْرَهُ. (وَأُقِيمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُمِرَ بِالْقِيَامِ (الْقَارِئُ) جَهْرًا بِرَفْعِ صَوْتِهِ (فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ) إنْ قَصَدَ دَوَامَهَا بِإِقْرَارِهِ أَوْ قَرِينَةِ حَالِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ وَاقِفُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ فَقِيرًا مُحْتَاجًا، وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْعِلْمِ فِي الْمَسَاجِدِ فَسُنَّةٌ قَدِيمَةٌ وَلَكِنْ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا لِلْعِلْمِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ.

(وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ) الْمُتَعَلِّمِينَ مَعًا دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ (عَلَى) الْمُعَلِّمِ (الْوَاحِدِ) الْمُسْتَمِعِ لَهُمْ مَخَافَةَ خَطَأِ بَعْضِهِمْ وَعَدَمِ تَنَبُّهِ الْمُعَلِّمِ لَهُ لِاشْتِغَالِهِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ غَيْرِهِ، فَيَظُنُّ الْمُخْطِئُ فِي قِرَاءَتِهِ أَنَّ الْمُعَلِّمَ مُتَنَبِّهٌ لَهُ، وَأَنَّ قِرَاءَتَهُ صَحِيحَةٌ فَيَحْفَظُهَا وَيَنْسُبُهَا لِمُعَلِّمِهِ وَجَوَازِهَا (رِوَايَتَانِ) عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَكَرِهَهَا أَوَّلًا وَرَآهَا خِلَافَ الصَّوَابِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى جَوَازِهَا. فَإِنْ قِيلَ حَيْثُ رَجَعَ عَنْهَا فَأَوْجَهُ نِسْبَتُهَا إلَيْهِ. قُلْت وَجْهُهَا أَنَّهَا اجْتِهَادٌ وَالْجَوَازُ اجْتِهَادٌ وَالِاجْتِهَادُ لَا يَنْقُضُ الِاجْتِهَادَ لِاحْتِمَالِ إصَابَةِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَعَكْسُهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِي الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ فِيهَا ثَانِيًا بِخِلَافِ مَا قَضَى بِهِ فِيهَا أَوَّلًا فَقِيلَ لَهُ هَذَا خِلَافُ قَضَائِك الْأَوَّلِ، فَقَالَ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ الْكَرَاهَةُ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى يَنْبَغِي مَزِيدُ الِاحْتِيَاطِ فِيهِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ كَانَ فِي إفْرَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>