(فَصْلٌ) وَإِنْ زَرَعَ فَاسْتُحِقَّتْ فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِالزَّرْعِ: أُخِذَ بِلَا شَيْءٍ،
ــ
[منح الجليل]
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا السُّكُوتُ، فَمِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ الْقِيَامَ بِلَا مَانِعٍ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ قَالَهُ فِي اللُّبَابِ. (وَإِنْ زَرَعَ) غَاصِبٌ أَوْ مُتَعَدٍّ أَرْضًا (فَاسْتُحِقَّتْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْأَرْضُ، أَيْ قَامَ مَالِكُهَا عَلَى زَارِعِهَا وَرَفَعَ مِلْكَهُ أَيْ حَوْزَهُ لِلتَّصَرُّفِ بِإِثْبَاتِ مِلْكِهِ قِبَلَهُ بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ، إذْ مُرَادُ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْمِلْكِ فِي تَعْرِيفِهِ مُطْلَقَ الْحَوْزِ لِلتَّصَرُّفِ وَالْكَوْنُ تَحْتَ الْيَدِ مَجَازًا وَقَرِينَتُهُ إضَافَةُ رَفْعِ إلَيْهِ إذْ الْمِلْكُ الْحَقِيقِيُّ لَا يُرْفَعُ بِذَلِكَ، وَبِهَذَا سَقَطَ قَوْلُ طفي، الِاسْتِحْقَاقُ الْمَشْهُورُ هُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَسَبَقَ الْبِسَاطِيُّ طفي إلَى مَا قَالَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ (بِالزَّرْعِ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ طَوْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ إذَا قُلِعَ بِأَنْ لَمْ يُنْبِتْ أَوْ نَبَتَ وَصَغَرَ (أُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الْأَرْضَ أَخْذُ الزَّرْعِ مَعَهَا (بِلَا شَيْءٍ) يَغْرَمُهُ لِلزَّارِعِ عِوَضًا عَنْ الْبَذْرِ وَالْحَرْثِ وَالسَّقْيِ وَغَيْرِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ فِي تَزْوِيقِ الْجِدَارِ وَشَبَهِهِ وَأَحْرَى لَا شَيْءَ لِلْمُتَعَدِّي إنْ حَرَثَهَا وَاسْتُحِقَّتْ قَبْلَ زَرْعِهَا.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أُخِذَ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِهِ، وَلَوْ أَرَادَ الزَّارِعُ قَلْعَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ، فَإِنْ أَبَى فَلَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهُ لِزَارِعِهِ بِكِرَاءٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهُ مَجَّانًا كَانَ إبْقَاؤُهُ بِكِرَاءٍ بَيْعًا لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ بِالْكِرَاءِ عَلَى تَبْقِيَتِهِ، وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِلْغَرَرِ وَخَرَجَ جَوَازُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَوْ يَمْلِكُ لَا يُعَدُّ مَالِكًا وَنَظَرَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ، فَيَخْرُجُ عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا لَا يُعَدُّ مُنْتَقِلًا إذْ عَلَيْهِ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى تَبْقِيَتِهِ. وَمَنَعَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى عَدِّهِ مُنْتَقِلًا، أَفَادَهُ تت.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute