بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ مُدَّعِي حُرِّيَّةً، إلَّا الْقَلِيلَ،
ــ
[منح الجليل]
الْهَادِمِ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَزِمَ ذِمَّتَهُ بِتَعَدِّيهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِي، إذْ لَمْ يَتَعَدَّ وَفَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ، وَهُوَ كَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَسَرَقَهُ مِنْهُ رَجُلٌ فَتَرَكَ لَهُ قِيمَتَهُ، ثُمَّ قَامَ رَبُّهُ فَإِنَّمَا يَتْبَعُ السَّارِقَ خَاصَّةً فِي التَّنْبِيهَاتِ.
قَوْلُهُ قِيمَةُ الْهَدْمِ قِيلَ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا بُقْعَةً وَأَنْقَاضًا وَقِيمَتِهَا بِذَلِكَ الْبِنَاءِ، وَقِيلَ مَا أُفْسِدَ مِنْ الْبِنَاءِ. وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يَضْمَنُ مَا يُنْفِقُ فِي الْبِنَاءِ. وَقِيلَ يَأْخُذُ النَّقْضَ مِنْ مُسْتَحِقِّهَا ثُمَّ يَغْرَمُ لَهُ مَا أَفْسَدَ مِنْ الْهَدْمِ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُ عِيَاضٍ بِمَا بَيْنَهَا بُقْعَةً يَعْنِي مَعَ الْأَنْقَاضِ ثُمَّ قَالَ وَرَأَيْتُهُ أَيْ الْقَوْلَ الْأَخِيرَ فِي كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَأْخُذُ النَّقْضَ مُسْتَحِقُّهُ، فَعَلَى مَا فِي التَّنْبِيهَاتِ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا، وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ كَالْمُتَعَدِّي عَلَى سِلْعَةٍ بِإِفْسَادٍ كَثِيرٍ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ مِنْهَا فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَتَكُونُ لَهُ، وَعَلَى مَا فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ يَكُونُ هُوَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي.
وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ غَلَّتَهَا فَقَالَ (بِخِلَافِ) شَخْصٍ (مُسْتَحِقٍّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ شَخْصٍ (مُدَّعِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ (حُرِّيَّةً) لِنَفْسِهِ نَزَلَ بَلَدًا وَاسْتَعْمَلَهُ شَخْصٌ فِي أَعْمَالٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِرَقَبَتِهِ لِشَخْصٍ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ مِمَّنْ اسْتَعْمَلَهُ (إلَّا) الْعَمَلَ (الْقَلِيلَ) كَسَقْيِ الدَّابَّةِ وَشِرَاءِ فَاكِهَةٍ أَوْ لَحْمٍ مِنْ سُوقٍ قَرِيبٍ. " ق " فِيهَا لَوْ نَزَلَ عَبْدٌ بِبَلَدٍ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ فَاسْتَعَانَهُ رَجُلٌ فَعَمِلَ لَهُ عَمَلًا لَهُ بَالٌ مِنْ غِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ وَهَبَهُ مَالًا، فَلِرَبِّهِ إذَا اسْتَحَقَّهُ أَخْذُ قِيمَةِ عَمَلِهِ مِمَّنْ اسْتَعْمَلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَلًا لَا بَالَ لَهُ كَسَقْيِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ.
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَأْخُذُ قِيمَةَ عَمَلِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ طَالَتْ إقَامَتُهُ وَهُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ أَمْ لَا. وَفِي النُّكَتِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ فِي عَمَلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْأُجْرَةَ ثُمَّ أَتَى سَيِّدُهُ وَقَدْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ الْأُجْرَةَ فَلَا غُرْمَ عَلَى الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ، وَكَذَا حَكَى بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الشُّيُوخِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ إنْ طَالَتْ إقَامَةُ الْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَتْ حُرِّيَّتُهُ وَإِلَّا غَرِمَ دَافِعُ الْأَجْرِ ثَانِيَةً، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ، وَقَالَ يَغْرَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ بَاعَ سِلْعَةَ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَبْرَأُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute