كَعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ، لَا إنْ قَالَ دَارِهِ؛
ــ
[منح الجليل]
حُجَّةَ لِي إلَّا أَنْ أَرْجِعَ عَلَى مَنْ بَاعَ، فَإِنْ ادَّعَى مَطْعَنًا فِي الشُّهُودِ أُجِّلَ فَإِنْ عَجَزَ حُكِمَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ قِيَامَهُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أُعْذِرَ لَهُ فِيهَا، فَإِذَا طَعَنَ فِيهَا فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا، وَصَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ بِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْهُ شَيْءٌ وَادَّعَى فِيهِ دَافِعًا وَعَجَزَ عَنْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ فَقَالَ (كَعِلْمِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي شَيْئًا وَاسْتُحِقَّ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ (صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ) الَّذِي بَاعَهُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِمَا ذُكِرَ فَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ. عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِتَحَقُّقِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَلَمَهُ، قَالَ غَيْرُهُمَا لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ (لَا) يَنْتَفِي رُجُوعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ (إنْ قَالَ) الْمُشْتَرِي حَالَ قِيَامِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ هَذِهِ (دَارُهُ) أَيْ الْبَائِعِ لِأَنَّ هَذَا لَا يُفِيدُ عِلْمُهُ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ. " ق " الْمُتَيْطِيُّ مَنْ ابْتَاعَ مِلْكًا وَعَلِمَ صِحَّةَ تَمَلُّكِ بَائِعِهِ لَهُ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ تَحْوِيرُهُ لَهُ وَلَا إنْزَالُهُ فِيهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ عَنْهُ دَافِعٌ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَوْلُنَا ابْتَاعَ مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ مَثَلًا أَوْلَى مِنْ إضَافَتِهَا إلَى الْبَائِعِ بِأَنْ يُقَالَ دَارُهُ لِاخْتِلَافِهِمْ فِيهَا، فَقِيلَ إذَا أُضِيفَ ذَلِكَ إلَيْهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ الْمُبْتَاعِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا إقْرَارٌ بِتَحَقُّقِ مِلْكِ الْبَائِعِ لِمَا بَاعَ.
وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأُصُولُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ أَضَافَ الْمَبِيعَ إلَيْهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا مَا مَضَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَقْدِ الْوَثَائِقِ يَفْتَتِحُونَهَا بِاشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ مَا حَوَتْهُ أَمْلَاكُهُ، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إضَافَةِ ذَلِكَ إلَى الْبَائِعِ إقْرَارٌ مِنْ الْمُبْتَاعِ بِتَمَلُّكِ الْبَائِعِ لَهُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ دَارُهُ بِزَعْمِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُبْتَاعَ صَرَّحَ بِتَمْلِيكِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ رِوَايَتَانِ، وَاَلَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ الرُّجُوعُ هَذَا فِي صَرِيحِ الْإِقْرَارِ، فَكَيْفَ فِي هَذِهِ الْإِضَافَةِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُهُ إلَّا بِبُعْدٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ غَيْرُ الْأُصُولِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالْعُرُوضِ تُكْتَبُ فِي اسْتِحْقَاقِهَا يُعَرِّفُ شُهُودَهُ أَنَّهُ مَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ حَتَّى الْآنِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّهُ مَا خَرَجَ ذَلِكَ عَنْ مِلْكِهِ، فَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِرْعَاءُ وَالْيَمِينُ أَعْذِرُ إلَى الَّذِي أَلْقَى ذَلِكَ بِيَدِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute