وَقُدِّمَ الْمُعِيرُ بِنَقْضِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ، وَإِنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ، وَإِلَّا فَقَائِمًا
ــ
[منح الجليل]
ح " فَإِنْ قُلْت بَقِيَتْ خَامِسَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهِيَ إذَا هَلَكَتْ الْمَرْأَةُ وَلَهَا وَلَدٌ يَتِيمٌ لَا وَصِيَّ لَهُ فَأَوْصَتْ بِالْوَلَدِ وَالْمَالِ إلَى رَجُلٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَالُ يَسِيرًا نَحْوَ سِتِّينَ دِينَارًا فَلَا يُنْزَعُ مِنْ الْوَصِيِّ اسْتَحْسَنَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَدْ عَدَّهَا ابْنُ نَاجِي خَمْسًا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَذَكَرَ هَذِهِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَقُلْ بِالِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِي الْأَرْبَعِ وَلَمْ يَعُدُّوا مِنْهَا هَذِهِ. أَبُو الْحَسَنِ الْمَسَائِلُ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَرْبَعٌ فَلَعَلَّ هَذِهِ الْخَامِسَةَ سَبَقَهُ إلَيْهَا غَيْرُهُ. " ج " نَظَمْتهَا تَبَعًا لِابْنِ نَاجِي، فَقُلْت:
وَفِي وَصِيِّ الْأُمِّ بِالْيَسِيرِ ... مِنْهَا وَلَا وَلِيَّ لِلصَّغِيرِ
طفي حَصَرَهَا فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ اسْتِحْسَانًا كَثِيرًا، حَتَّى قَالَ الْمُتَيْطِيُّ الِاسْتِحْسَانُ فِي الْعِلْمِ أَغْلَبُ مِنْ الْقِيَاسِ، وَقَالَ الْإِمَامُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ. ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ عَلَيْهِ عَوَّلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَبَنَى عَلَيْهِ أَبْوَابًا وَمَسَائِلَ إلَّا أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَافَقَ اسْتِحْسَانُهُ فِيهِ قَوْلًا لِغَيْرِهِ، وَإِذَا تَصَفَّحْت مَسَائِلَ الْمَذْهَبِ ظَهَرَ لَك ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَ) إنْ أَعَارَ شَخْصٌ أَرْضَهُ لِقَوْمٍ يَبْنُونَ أَوْ يَغْرِسُونَ فِيهَا فَفَعَلُوا ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الشَّخْصُ (الْمُعِيرُ) عَلَى شُرَكَاءِ الْبَائِعِ فِي أَخْذِ الْحَظِّ الْمَبِيعِ (بِ) قِيمَةِ (نَقْضِهِ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ، أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ مَنْقُوضًا (أَوْ بِثَمَنِهِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ فَالْخِيَارُ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَحَكَاهُمَا عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ تَأْوِيلَيْنِ لِلْمُدَوَّنَةِ (إنْ) كَانَ قَدْ (مَضَى زَمَنٌ) هُوَ (مَا) أَيْ الزَّمَنُ الَّذِي (تُعَارُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأَرْضُ (لَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ مَا تُعَارُ لَهُ (فَ) يُقَدَّمُ الْمُعِيرُ فِي أَخْذِهِ بِقِيمَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) أَوْ ثَمَنِهِ. تت هَذَا فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ زَمَنُ مَا تُعَارُ لَهُ. وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُنْقَضْ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ بَاعَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْإِعَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute