. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، ثُمَّ قَالَ هَذَا عَلَى تَسْلِيمِ تَعَقُّبِ ابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَقَوْلُهُ وَرِوَايَاتُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِخِلَافِهِ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ فَرَّقَ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ وَمِلْكِهَا الَّذِي هُوَ ثُبُوتُهَا وَحُصُولُهَا، وَكَذَا الْأَخْذُ فَرَّقَ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِهِ وَحُصُولِهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ بِمِلْكِهِ، فَمِلْكُ الشُّفْعَةِ هُوَ حُصُولُهَا وَهُوَ نَفْسُ مِلْكِ الْأَخْذِ وَحُصُولِهِ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِمِلْكِ الْأَخْذِ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي اخْتِصَارِهِ لَهُ بِتَمَلُّكِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الشُّفْعَةِ، فَمَا جَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ سَبَبًا لِمِلْكِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ مِنْ ثُبُوتِ مِلْكِ الشَّفِيعِ لِشِقْصٍ شَائِعٍ إلَخْ لَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا هُوَ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِهَا، وَقَدْ سَبَقَ لَهُ فِي تَعَقُّبِهِ تَعْرِيفَ ابْنِ الْحَاجِبِ الشُّفْعَةَ بِأَنَّهَا أَخْذُ شَرِيكٍ حِصَّةً إلَخْ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ أَخْذَهَا لَا مَاهِيَّتَهَا، وَهِيَ غَيْرُ أَخْذِهَا لِأَنَّهَا مَعْرُوضَةٌ لَهُ وَلِنَقِيضِهِ وَهُوَ تَرْكُهَا، وَعَرَّفَهَا هُوَ بِأَنَّهَا اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ أَخْذَ مَبِيعِ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ، فَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الْأَخْذَ غَيْرُهَا، وَلَيْسَ مَعْنَى مِلْكِ الْأَخْذِ إلَّا حُصُولُهُ وَثُبُوتُهُ، وَكَذَا مِلْكُ الشُّفْعَةِ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي كَافِيهِ الشُّفْعَةُ تَجِبُ بِالْبَيْعِ التَّامِّ وَتُسْتَحَقُّ وَتُمْلَكُ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ اهـ.
وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ تُسْتَحَقُّ تَحْصُلُ فَفَرَّقَ بَيْنَ مَا تَجِبُ بِهِ وَمَا تَحْصُلُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الْأَخْذِ الَّذِي هُوَ حُصُولُهُ وَثُبُوتُهُ وَمِلْكُ الشُّفْعَةِ كَذَلِكَ مِلْكُ الشِّقْصِ الْمُسْتَشْفَعِ فِيهِ، وَلِذَا قَرَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِمِلْكِ الشِّقْصِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِهِ، وَقَالَ هَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى مِلْكِ الْأَخْذِ إشَارَةً لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ تَلَازُمِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلِذَا قَرَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ وَمَا نَقَلْنَاهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْعُتْبِيَّةِ يَصِحُّ أَنْ يُفَسِّرَ بِهِ هَذَا الْمَوْضِعَ، ثُمَّ قَالَ وَلِابْنِ رُشْدٍ كَلَامٌ تَرَكْنَاهُ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ إلَخْ، فَجَعَلَ قَوْلَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ لُزُومِ الْأَخْذِ وَبَيْعِ الشِّقْصِ فِي الثَّمَنِ تَفْسِيرًا لِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِلْكُ الْأَخْذِ وَمِلْكُ الشُّفْعَةِ مِلْكُ الشِّقْصِ، فَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا مِلْكُ الشِّقْصِ فَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِبَيَانِهِ كَمَا عَلِمْت، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ.
وَبِمَا قُلْنَاهُ يَظْهَرُ لَك أَنَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَلَكَ بِحُكْمِ إلَخْ، مَعَ قَوْلِهِ وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ إلَخْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute