كَمُشْتَرٍ قِطْعَةً مِنْ جِنَانٍ بِإِزَاءِ جِنَانِهِ لِيَتَوَصَّلَ لَهُ مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جِنَانُ الْمُشْتَرِي،
ــ
[منح الجليل]
أَيْ الزَّرْعِ (بِلَا أَرْضٍ) أَيْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ بِيعَ وَحْدُهُ بِلَا أَرْضٍ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَبَيْعُهُ كَذَلِكَ فَاسِدٌ لِغَرَرِهِ.
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الْأَرْضِ خَاصَّةً وَاسْتَشْفَعَ فَالْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ بَاطِلٌ، وَيَبْطُلُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ الَّذِي بِهِ لِانْفِرَادِهِ بِلَا أَرْضٍ، فَيَرُدُّ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ لِيَشْتَرِيَ وَيَصِيرُ لَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ نِصْفُ الْأَرْضِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ فِي أَخْذِ نِصْفِ الْأَرْضِ الْبَاقِي، فَإِنْ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ بِهِ شُفْعَةٌ، وَرَجَعَ لِلْبَائِعِ فَيَصِيرُ الزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ. ابْنُ الْمَوَّازِ يَأْخُذُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ وَقِيمَةِ نِصْفِ الزَّرْعِ عَلَى غَرَرِهِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ فَإِنْ أَخَذَ نِصْفَ الْأَرْضِ بِالشُّفْعَةِ كَمَا وَصَفْنَا رَجَعَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ الَّذِي زَرَعَهُ لِأَنَّهُ صَغِيرٌ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ بِلَا أَرْضٍ، وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كُلَّهُ إلَى الْمُشْتَرِي إلَّا مَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ، وَعَلَى الْبَائِعِ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءُ نِصْفِ الْأَرْضِ لِلْمُسْتَحِقِّ دُونَ مَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ.
ابْنُ يُونُسَ أَنْكَرَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلَهُ رَجَعَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ، وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَمَسَّكَ بِنِصْفِ الزَّرْعِ الَّذِي قَابَلَ النِّصْفَ الْمَأْخُوذَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَضْ بَيْعُهُ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ كَبَيْعٍ مُبْتَدَأٍ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا أَصْوَبُ.
وَشَبَّهَ فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ فَقَالَ (كَ) شِرَاءِ شَخْصٍ (مُشْتَرٍ قِطْعَةً مِنْ جِنَانٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ بُسْتَانٍ (بِإِزَاءِ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ مَمْدُودًا، أَيْ مُقَابَلَةِ (جِنَانِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (لِيَتَوَصَّلَ) الْمُشْتَرِي (لَهُ) أَيْ الْقِطْعَةِ، وَذَكَرَ ضَمِيرَهَا بِاعْتِبَارِ تَسْمِيَتِهَا مَبِيعًا مَثَلًا (مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ) أَيْ الشِّقْصِ، وَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الضَّمِيرِ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (جِنَانُ الْمُشْتَرِي) " غ " هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَا وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْجِنَانُ بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جَنَّةٍ بِفَتْحِهَا كَقَصْعَةٍ وَقِصَاعٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، فَقَدْ أَفْتَى ابْنُ زَيْدٍ وَابْنُ الْعَطَّارِ بِبُطْلَانِ بَيْعِ الْقِطْعَةِ لِبَقَائِهَا بِلَا مَمَرٍّ مُوَصِّلٍ إلَيْهَا، وَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الضَّمِيرِ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute