(بَابٌ) الْقِسْمَةُ: تَهَايُؤٌ فِي زَمَنٍ: كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا، وَسُكْنَى دَارٍ سِنِينَ:
ــ
[منح الجليل]
فِي تَعْيِينِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ إنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ فَهُوَ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَتِّ فَيَلْزَمُ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْقِسْمَةِ.
غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ التَّعْيِينَ وَهُوَ لَا يَقْدَحُ فِيهَا، أَفَادَهُ تت فِي كَبِيرِهِ. أَقُولُ لَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ وُرُودِ هَذَيْنِ الْإِيرَادَيْنِ عَلَى حَدِّ ابْنِ عَرَفَةَ. أَمَّا إيرَادُ ابْنِ نَاجِي فَلِأَنَّ شِرَاءَ الْوَيْبَةِ مِنْ الصُّبْرَةِ لَيْسَ تَصْيِيرَ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكَيْنِ مُعَيَّنًا، بَلْ هُوَ تَصْيِيرُ بَعْضِ مَمْلُوكِ مَالِكٍ وَاحِدٍ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ شَائِعًا، فَكَيْفَ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ حَدُّهُ، وَتَعْلِيلُهُ لَا يُنْتِجُ انْطِبَاقَهُ عَلَيْهِ، فَدَعْوَاهُ وَدَلِيلُهُ بَاطِلَانِ. وَأَمَّا إيرَادُ الْبِسَاطِيِّ فَلِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ الِانْحِلَالُ، وَأَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ. وَتَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ، فَتَعْيِينُ أَحَدِهِمَا لَيْسَ قِسْمَةً لِأَنَّهُ تَصْيِيرُ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ وَحَذَفَ وَلَوْ زَادَ أَوْ قَبِلَ بِقُرْعَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْقِسْمَةُ) الشَّرْعِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ (تَهَايُؤٌ) بِفَتْحِ فَوْقِيَّةٍ أَوَّلَهُ وَنُونٍ أَوْ تَحْتِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ عَقِبَ الْأَلِفِ أَوْ مُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ وَيَلِيهَا هَمْزٌ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَتَحْتِيَّةٌ عَلَى الْأَخِيرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ، وَهَيَّأَهُ وَجَهَّزَ لَهُ وَوَهَبَهُ لَهُ فَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ التَّهْنِئَةِ، وَعَلَى الثَّانِي مِنْ التَّهْيِئَةِ، وَعَلَى الثَّالِثِ مِنْ الْهِبَةِ لَكِنْ بِقَلْبٍ مَكَانِيٍّ. الرَّجْرَاجِيُّ الْمُهَأنَاةُ تُقَالُ بِالْمُنَوَّنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا أَرَادَهُ، وَتُقَالُ بِالْبَاءِ أَيْضًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهَبَ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِمْتَاعَ بِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ مُدَّةً مَعْلُومَةً. وَتُقَالُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ بِاثْنَتَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَيَّأَ لِصَاحِبِهِ مَا طَلَبَهُ مِنْهُ، وَالتَّهَانِيءُ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ (فِي زَمَنٍ) مَعْلُومٍ كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ وَمَثَّلَ لَهَا بِقَوْلِهِ (كَخِدْمَةِ) رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ (شَهْرًا) وَيَخْدُمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ شَهْرًا أَيْضًا وَهَكَذَا (وَسُكْنَى دَارِ) أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ (سِنِينَ) وَالشَّرِيكُ الْآخَرُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا، أَوْ زِرَاعَةُ أَرْضٍ مَأْمُونَةِ الرَّيِّ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا.
" ق " ابْنُ شَاسٍ الْقِسْمَةُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مُهَايَأَةٌ وَهِيَ ضَرْبَانِ، مُهَايَأَةٌ فِي الْأَعْيَانِ، وَمُهَايَأَةٌ بِالزَّمَانِ. ابْنُ رُشْدٍ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ لَا تَجُوزُ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute