. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
الثَّانِي: ابْنُ رَاشِدٍ يُعَكِّرُ عَلَى قَوْلِهِمْ قِسْمَةُ الْمُرَاضَاةِ بَيْعٌ إجَازَتُهُمْ فِيهَا قَسْمَ قَفِيزِ بُرٍّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَامْتَنَعَتْ بِهَذَا الْوَجْهِ لِلرِّبَا. طفي جَوَابُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِمْ لَوْ أَطْلَقُوا فِي قَوْلِهِمْ إنَّهَا بَيْعٌ. أَمَّا حَيْثُ قَيَّدُوا فَلَا، وَيُصْرَفُ قَوْلُهُمْ إنَّهَا بَيْعٌ لِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ عَدَمِ الْجَبْرِ وَجَمْعِ الْأَجْنَاسِ وَجَمْعِ حَظَّيْنِ، وَعَدَمِ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ، وَاسْتَثْنَوْا الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ. اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْمُقَاسَمَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالتَّرَاخِي جَائِزٌ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصُّبْرَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ قَسْمِهَا عَلَى الِاعْتِدَالِ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ وَعَلَى التَّفْضِيلِ الْبَيِّنِ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفْضِيلُ أَمْ لَا، وَيَجُوزُ بِالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ قَسْمَهُ بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا تَحَرٍّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ، وَإِنْ كَانَ طَعَامًا مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا دَخَلَهُ أَيْضًا التَّفْضِيلُ وَقِسْمَتُهُ تَحَرِّيًا جَائِزَةٌ فِي الْمَوْزُونِ دُونَ الْمَكِيلِ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صُبْرَةً وَاحِدَةً وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ أَوْ مَحْمُولَةٍ وَسَمْرَاءَ وَنَقِيٍّ وَمَغْلُوثٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِاعْتِدَالِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ، وَصَنْجَةٍ مَعْلُومَةٍ.
وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ جَازَ قَسْمُهُ عَلَى الْفَضْلِ الْبَيِّنِ وَالِاعْتِدَالِ بِمِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ مَعْلُومٍ لَا مَجْهُولٍ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَوَجَبَ قَسْمُ كُلِّ صُبْرَةٍ وَحْدَهَا، وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ بِمِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّ قَسْمَ الصُّبْرَةِ لَيْسَ قَسْمًا حَقِيقِيًّا، إنَّمَا هُوَ تَمْيِيزُ حَقٍّ. اهـ. فَإِذَا أَحَطْت بِهَذَا عِلْمًا فَلَكَ أَنْ تُجِيبَ عَنْ مُنَاقَضَةِ ابْنِ رَاشِدٍ بِمَا قُلْنَاهُ، وَلَك أَنْ تَرُدَّ الْمُنَاقَضَةَ مِنْ أَصْلِهَا وَتَبْقَى الْقِسْمَةُ بَيْعًا حَتَّى فِي مَنْعِ الْفَضْلِ، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا إجَازَتُهُمَا قَسْمَ الْقَفِيزِ عَلَى ثُلُثَيْنِ وَثُلُثٍ لِأَنَّ قِسْمَةَ الصُّبْرَةِ الْوَاحِدَةِ لَيْسَتْ قِسْمَةً حَقِيقِيَّةً قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاتِّحَادِ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الصَّوَابُ، فَلَا مُعَارَضَةَ وَلَا تَعْكِيرَ أَصْلًا، فَشُدَّ عَلَيْهِ يَدَ الضَّنِينِ.
وَلِذَا أَطْلَقَ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَغَيْرُهُ فِي الْمُرَاضَاةِ مَنْعَهَا فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ الْفَضْلُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الصُّبْرَةَ الْوَاحِدَةَ وَالْقَفِيزَ الْوَاحِدَ لَيْسَتْ قِسْمَتُهُ قِسْمَةً حَقِيقِيَّةً، وَقَدْ اقْتَصَرَ " ح " عَلَى كَلَامِ الْمُعِينِ، وَكَذَا أَطْلَقَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَسْمَ الْمُرَاضَاةِ إلَى وَجْهَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute