للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

الدَّيْنِ بِحُضُورِ الْمَدِينِ وَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ " ق ". فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ عُرُوضًا حَاضِرَةً وَدُيُونًا عَلَى رِجَالٍ شَتَّى فَاقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ فَأَخَذَ أَحَدُهُمْ الْعُرُوضَ وَأَخَذَ الْآخَرُ الدُّيُونَ عَلَى أَنْ يَتْبَعَ الْغُرَمَاءَ فَإِنْ كَانُوا حَاضِرِينَ مُقِرِّينَ وَجُمِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ جَازَ، وَإِنْ كَانُوا غَائِبِينَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ لَا يُشْتَرَى دَيْنٌ عَلَى غَرِيمٍ غَائِبٍ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَإِنْ تَرَكَ دُيُونًا عَلَى رِجَالٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْتَسِمُوا الرِّجَالَ فَتَصِيرُ ذِمَّةً بِذِمَّةٍ، وَلْيَقْتَسِمُوا مَا كَانَ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ.

قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ": سَمِعْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ الذِّمَّةُ بِالذِّمَّةِ مِنْ وَجْهِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. طفي زَادَ عج عَلَى قَوْلِهِ وَلْيَقْتَسِمُوا مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ، أَيْ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ الْقِسْمَةِ فَيَدْخُلُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَلَوْ غَائِبًا، لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَجِبُ الْفَتْوَى بِهِ وَابْنُ عَرَفَةَ مَقْصُودُهُ بَيَانُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْقِسْمَةِ يَجْرِي حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ. اهـ. وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَوَابٍ، بَلْ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْضًا لِأَنَّ قَسْمَ مَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الصُّلْحِ فِي الشُّرَكَاءِ الَّذِينَ إذَا شَخَّصَ أَحَدُهُمْ دُونَ الْإِعْذَارِ إلَيْهِمْ، فَلِشُرَكَائِهِ أَنْ يَدْخُلُوا مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَى أَوْ يُسَلِّمُوا لَهُ مَا قَبَضَ، وَيَتَّبِعُوا الْغَرِيمَ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَاسَمَةٌ لِلدَّيْنِ. أَبُو الْحَسَنِ دَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ قِسْمَةِ الدَّيْنِ عَلَى غَائِبٍ وَلَمْ يَكُنْ مَحْمَلُ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَمَلَ بَيْعِ مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِ مَدِينِهِ فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعُ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ، فَإِنْ ثَبَتَ فَلَهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ بَطَلَ فَلَهُمَا جَمِيعًا فَلَا غَرَرَ فِيهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ قِسْمَةَ الدَّيْنِ مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ، حُكْمُهُ كَحُكْمِ بَيْعِ الدَّيْنِ، وَقَسْمُ الدُّيُونِ عَلَى رِجَالٍ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ، وَقَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا، وَالْعَجَبُ مِنْ الرَّصَّاعِ شَارِحِ الْحُدُودِ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ فَيَدْخُلُ قَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَلَوْ غَائِبًا، تَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَا ذَكَرُوا فِي بَابِ الصُّلْحِ وَهُوَ مُخَالَفَةٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الرَّسْمَ عَلَى مَا يَعُمُّ الْمَشْهُورَ وَغَيْرَهُ. اهـ. فَلَيْتَ شِعْرِي أَنَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>