للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَقَسْمِهِ بِأَصْلِهِ، أَوْ قَتًّا أَوْ زَرْعًا

ــ

[منح الجليل]

لَا بَأْسَ بِقِسْمَةِ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِالتَّحَرِّي عَلَى أَنْ يَجُذَّاهُ مَكَانَهُمَا إذَا اجْتَهَدَا حَتَّى يَخْرُجَا مِنْ وَجْهِ الْخِطَارِ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ حَاجَتُهُمَا إلَيْهِ، وَإِنْ اقْتَسَمَاهُ وَفَضَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ فَضْلُهُ جَازَ ذَلِكَ كَمَا يَجُوزُ فِي الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بَلَحُ نَخْلَةٍ بِبَلَحِ نَخْلَتَيْنِ، عَلَى أَنْ يَجُذَّاهُ مَكَانَهُمَا، وَلِمَفْهُومِ قَوْلِهَا قَبْلَهُ لَا بَأْسَ بِقِسْمَةِ الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ بِالتَّحَرِّي عَلَى أَنْ يَحْصُدَاهُ مَكَانَهُمَا إنْ كَانَ يُسْتَطَاعُ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا فِي قَسْمِهِ تَحَرِّيًا، وَكَذَلِكَ الْقَضْبُ وَالتِّبْنُ، فَإِنْ تَرَكَا الزَّرْعَ حَتَّى صَارَ حَبًّا انْتَقَضَ قَسْمُهُ وَقُسِمَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَيْلًا.

وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَقَسْمِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (بِأَصْلِهِ) أَيْ مَعَ شَجَرِهِ أَوْ أَرْضِهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ وَشَجَرٍ أَوْ أَرْضٍ بِمِثْلِهِمَا (أَوْ) قَسْمُ الزَّرْعِ (قَتًّا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ أَيْ جَزْمًا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُمَاثَلَتِهَا (أَوْ) قَسْمُهُ (ذَرْعًا) أَيْ بِالذِّرَاعِ وَالْقَصَبَةِ وَالْفَدَّانِ فَلَا يَجُوزُ لِذَلِكَ، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا وَرِثَ قَوْمٌ شَجَرًا أَوْ نَخْلًا وَفِيهَا ثَمَرٌ فَلَا يَقْسِمُونَ الثِّمَارَ مَعَ الْأَصْلِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ طَلْعًا أَوْ بَلَحًا إلَّا أَنْ يَجُذُّوهُ مَكَانَهُ. الْبَاجِيَّ مَنَعَ قَسْمَهَا مَعَ الطَّلْعِ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، وَلَا يَجُوزُ قَسْمُهَا دُونَ الطَّلْعِ لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ لَمْ تُؤَبَّرْ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ طَلْعًا أَوْ بَلَحًا حُلْوًا فَيَجُوزُ قَسْمُهُ مَعَ النَّخْلِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ لَا يُقْسَمُ مَعَ الْأَرْضِ، وَلَكِنْ تُقْسَمُ الْأَرْضُ وَالْأُصُولُ وَتُتْرَكُ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَيَحِلُّ بَيْعُهُ فَيَقْسِمُونَهُ حِينَئِذٍ أَوْ يَبِيعُونَهُ، وَيَقْسِمُونَ ثَمَنَهُ وَلَا يُقْسَمُ الزَّرْعُ فَدَادِينَ وَلَا مُزَارَعَةً وَلَا قَتًّا.

الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأُصُولَ الَّتِي لَمْ يُؤَبَّرْ ثَمَرُهَا لَا يَجُوزُ قَسْمُهَا لَا وَحْدَهَا وَلَا مَعَ ثَمَرِهَا لِأَنَّ قَسْمَهَا وَحْدَهَا فِيهِ اسْتِثْنَاءُ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ وَقَسْمُهَا مَعَ ثَمَرِهَا فِيهِ طَعَامٌ وَعَرْضٌ بِطَعَامٍ وَعَرْضٍ، وَجَعَلَ الثَّمَرَ الَّذِي لَمْ يُؤَبَّرْ طَعَامًا لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَيْهِ. ابْنُ سَلْمُونٍ وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ مُسْتَكِنٌّ أَوْ فِي الْأُصُولِ ثَمَرَةٌ غَيْرُ مَأْبُورَةٍ فَلَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ فِي الْأَرْضِ وَالْأُصُولِ بِحَالٍ حَتَّى تُؤَبَّرَ الثَّمَرَةُ وَيَظْهَرَ الزَّرْعُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>