. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
بِمَا وُجِدَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَعَ بَقَاءِ ذِمَّتِهِ إنْ تَلِفَ الْمَوْجُودُ لَهُ، فَأَحْرَى أَنْ يُؤَدَّى الدَّيْنُ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ تَرِكَتِهِ لِوَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ انْقَضَتْ ذِمَّتُهُ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَجِبُ لَهُ فِي التَّرِكَةِ حَقٌّ حَتَّى يُولَدَ حَيًّا وَيَسْتَهِلَّ صَارِخًا، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُورَثْ عَنْهُ نَصِيبُهُ، وَالْغَائِبُ حَقُّهُ وَاجِبٌ فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ، وَلَوْ مَاتَ وَرِثَ عَنْهُ، فَإِذَا لَمْ يُنْتَظَرْ الْغَائِبُ مَعَ وُجُوبِ الْمَالِ الَّذِي يُؤَدَّى مِنْهُ الدَّيْنُ الْآنَ لَهُ كَانَ أَحْرَى أَنْ لَا يُنْتَظَرَ الْحَمْلُ الَّذِي لَمْ يَجِبْ لَهُ فِي التَّرِكَةِ حَقٌّ، وَمِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ مَنْ أَثْبَتَ حَقًّا عَلَى صَغِيرٍ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَلَمْ يُجْعَلْ لِلصَّغِيرِ وَكِيلٌ يُخَاصِمُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا قُضِيَ عَلَى الصَّغِيرِ بَعْدَ وَضْعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَامَ لَهُ وَكِيلٌ فَلَا مَعْنَى لِانْتِظَارِ وَضْعِ الْحَمْلِ بِتَأْدِيَةِ دَيْنِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا كُلُّهُ بَيِّنٌ لَا ارْتِيَابَ فِيهِ وَلَا إشْكَالَ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إلَى قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهِ مَنْفَعَةٍ فِي ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ، فَقَالَ فِي تَغْلِيطِهِ ابْنَ أَيْمَنَ وَقَوْلُهُ لَا حُجَّةَ لَهُ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ الْأَظْهَرُ، وَبِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَدَلِيلُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ.
الْأَوَّلُ: أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ بِحُكْمِ قَاضٍ بِهِ، وَحُكْمُهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ثُبُوتِ مَوْتِ الْمَدِينِ وَعَدَدِ وَرَثَتِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ عَدَدُ وَرَثَتِهِ إلَّا بِوَضْعِ الْحَمْلِ، فَالْحُكْمُ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْحُكْمِ، وَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْمُتَوَقِّفِ عَلَى أَمْرٍ مُتَوَقِّفٍ عَلَى ذَلِكَ.
الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِالدَّيْنِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِعْذَارِ لِكُلِّ الْوَرَثَةِ وَالْحَمْلُ مِنْهُمْ، وَلَا يَتَقَرَّرُ الْإِعْذَارُ فِي جِهَتِهِ إلَّا بِوَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ، وَكِلَاهُمَا يَسْتَحِيلُ قَبْل وَضْعِهِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. الْحَطّ مَا اُسْتُدِلَّ بِهِ لِابْنِ أَيْمَنَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْحُكْمِ بِالْقَضَاءِ ثُبُوتُ عَدَدِ الْوَرَثَةِ الْمَوْجُودِينَ وَالْحَمْلِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْحَمْلِ وَصِيٌّ وَلَا وَلِيٌّ وَابْنُ رُشْدٍ لَا يُسَلِّمُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي رَسْمِ مَرَضٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ بِأَنَّ لِلنَّاظِرِ عَلَى الْحَمْلِ أَنْ يُصَالِحَ الزَّوْجَةَ عَلَى مِيرَاثِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَرٌ كَأَنْ يَتْرُكَ زَوْجَةً حَامِلًا وَبَنِينَ وَنَصُّهُ، وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِي أَنَّ لِلنَّاظِرِ عَلَى الْحَمْلِ أَنْ يُجِيزَ الصُّلْحَ عَلَيْهِ، وَيُمْضِيَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute