مَأْمُومًا، وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ، غَيْرَ مَغْرِبٍ: كَعِشَاءٍ بَعْدَ وِتْرٍ فَإِنْ أَعَادَ
ــ
[منح الجليل]
وَكُلُّهَا مُشْكِلَةٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ حَالَ كَوْنِهِ (مَأْمُومًا) فَإِنْ أَعَادَ إمَامًا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُعِيدِ تُشْبِهُ النَّفَلَ، وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ خَلْفَ شِبْهِ نَفْلٍ
وَاسْتَثْنَى مِمَّنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ مَنْ صَلَّى فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. فَلَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهِمَا جَمَاعَةً وَمِنْ مَفْهُومِ مَأْمُومًا مَنْ صَلَّى بِغَيْرِهَا كَذَلِكَ وَدَخَلَ أَحَدُهُمَا فَيُعِيدُ فِيهِ، فَذًّا لِأَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهِمَا وَمِنْ مَفْهُومِ لَمْ يُحَصِّلْهُ مَنْ حَصَّلَهُ فِي غَيْرِهَا وَدَخَلَهَا فَيُعِيدُ فِيهَا فِي جَمَاعَةٍ لَا فَذًّا. وَقِيلَ يُعِيدُ فِيهَا فَذًّا أَيْضًا لِأَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهِ. وَبَالَغَ عَلَى إعَادَتِهِ مَأْمُومًا فَقَالَ (وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُ مَعَ وَاحِدٍ إلَّا إذَا كَانَ إمَامًا رَاتِبًا فَيُعِيدُ مَعَهُ لِأَنَّهُ كَجَمَاعَةٍ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَمَفْعُولُ يُعِيدُ قَوْلُهُ فَرْضًا (غَيْرَ مَغْرِبٍ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تُعَادُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحْرُمُ إعَادَتُهَا لِصَيْرُورَتِهَا مَعَ الْأُولَى شَفْعًا فَتَنْتَفِي حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا ثَلَاثًا مِنْ إيتَارِ عَدَدِ رَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ النَّهَارِيَّةِ وَلِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ النَّفَلَ بِثَلَاثٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ.
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَقَالَ (كَعِشَاءٍ) صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ وَأَوْتَرَ عَقِبَهَا فَلَا تُعَادُ (بَعْدَ وِتْرٍ) أَيْ تُمْنَعُ إعَادَتُهَا لِأَنَّهُ إنْ أَعَادَ الْوِتْرَ لَزِمَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» . وَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ لَزِمَ مُخَالَفَةُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» . وَفِي إفَادَةِ هَذِهِ الْعِلَلِ الْمَنْعَ نَظَرٌ مَعَ إجَازَتِهِمْ التَّنَفُّلَ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَالْإِعَادَةُ أَقْوَى مِنْهُ بِدَلِيلِ إعَادَةِ الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ وَالظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ. أَبُو إِسْحَاقَ أَجَازُوا إعَادَةَ الْعَصْرِ مَعَ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا وَإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ نَفْلًا، وَكَذَلِكَ الصُّبْحَ لِرَجَاءِ أَنْ تَكُونَ الْمُعَادَةُ فَرِيضَةً، وَكُرِهَتْ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِ الثَّانِيَةِ فَرِيضَةً لِلُزُومِ النَّفْلِ بِثَلَاثٍ، وَكَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ خَفِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَمَفْهُومُ بَعْدَ وِتْرٍ نَدْبُ إعَادَتِهَا قَبْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا. (فَإِنْ أَعَادَ) أَيْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ نَاسِيًا صَلَاتَهَا فَذًّا ثُمَّ تَذَكَّرَ صَلَاتَهَا فَذًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute