وَغَرِمَ لِلْعَامِلِ الثَّانِي، إنْ دَخَلَ عَلَى أَكْثَرَ: كَخُسْرِهِ، وَإِنْ قَبْلَ عَمَلِهِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا:
ــ
[منح الجليل]
فَعَلَ ضَمِنَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ جَازَ مَا لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَا يُشَارِكُ بِالْمَالِ أَوْ يُقَارِضُ بِهِ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ قَارَضَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ (وَغَرِمَ) الْعَامِلُ الْأَوَّلُ (لِلْعَامِلِ الثَّانِي) الزَّائِدَ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ (إنْ دَخَلَ) الْعَامِلُ الثَّانِي مَعَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ (عَلَى) جُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ (أَكْثَرَ) مِنْ الْجُزْءِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ رُبْعًا وَالثَّانِي نِصْفًا عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَحِقُّ الثَّانِي مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا زَادَ. وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ عَلَى أَقَلَّ مِمَّا دَخَلَ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ مَعَ رَبِّ الْمَالِ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ نِصْفًا وَالثَّانِي رُبْعًا لَكَانَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، فِيهَا إنْ أَخَذَ قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ فَتَعَدَّى فَدَفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ قِرَاضًا عَلَى الثُّلُثَيْنِ ضَمِنَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَإِنْ عَمِلَ بِهِ الثَّانِي فَرَبِحَ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفُ الرِّبْحِ، وَلِلْعَامِلِ الثَّانِي نِصْفُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ الثَّانِي بِبَقِيَّةِ شَرْطِهِ وَهُوَ السُّدُسُ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُسَاقَاةِ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ. الصَّوَابُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْمُسَاقَاةِ بِرُبْعِ قِيمَةِ عَمَلِهِ لِأَنَّهُ بَاعَ بِثَمَرَةٍ اسْتَحَقَّ رُبْعَهَا.
وَشَبَّهَ فِي غُرْمِ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِلْعَامِلِ الثَّانِي تَمَامَ مَا دَخَلَ مَعَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: (كَخُسْرِهِ) أَيْ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ وَدَفَعَ بَاقِيَهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِلَا إذْنِ رَبِّهِ فَرَبِحَ قِيمَةَ مَا يَجْبُرُ الْخُسْرَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَيُجْبَرُ الْمَالُ بِرِبْحِ الثَّانِي، وَيَغْرَمُ لَهُ الْأَوَّلُ حِصَّتَهُ مِمَّا جُبِرَ بِهِ الْخُسْرُ. وَأَصْلُ الْخُسْرِ النَّقْصُ بِسَبَبِ التَّجْرِ وَأَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ النَّقْصِ سَوَاءٌ كَانَ بِتَجْرٍ أَوْ نَحْوِ سَرِقَةٍ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ الْخُسْرُ بِعَمَلِهِ، (وَإِنْ) كَانَ الْخُسْرُ (قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فِي الْمَالِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ ثُمَّ دَفَعَ بَاقِيَهُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي فَرَبِحَ فِيهِ مَا يَجْبُرُ خُسْرَ الْأَوَّلِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، فَيُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ رِبْحِ الْعَامِلِ الثَّانِي.
(وَالرِّبْحُ) أَيْ الْقَدْرُ الزَّائِدُ مِنْهُ عَلَى مَا يُجْبَرُ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ (لَهُمَا) أَيْ رَبِّ الْمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute