لَا دَوَاءً، وَاكْتَسَى، إنْ بَعُدَ
ــ
[منح الجليل]
كَثِيرًا وَكَانَ مِثْلُهُ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِدْمَةُ أَخَصُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَكُلُّ مَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْأَعَمِّ فَشَرْطٌ فِي الْأَخَصِّ.
(لَا) يُنْفِقُ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فِي (دَوَاءٍ) لِمَرَضٍ أَصَابَهُ فِي سَفَرِهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى التِّجَارَةِ. سَمِعَ الْقَرِينَانِ أَيَشْرَبُ الدَّوَاءَ وَيَدْخُلُ الْحَمَّامَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ. قَالَ مَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ يَوْمَ كَانَ الْقِرَاضُ إنْ قَلَّمَ ظُفُرَهُ أَوْ أَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْقِرَاضِ، وَأَمَّا الْحِجَامَةُ وَالْحَمَّامُ فَخَفِيفٌ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ مَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ يَوْمَ كَانَ الْقِرَاضُ أَرَادَ مَا كَانَ يُؤْخَذُ عَلَيْهَا فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ أَعْوَاضٌ، وَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ فِي كُلِّ زَمَنٍ وَبَلَدٍ، فَمَا الْعَادَةُ أَنْ لَا يُؤْخَذَ عَلَيْهِ عِوَضٌ فَلَا يُعْطَى عَلَيْهِ عِوَضًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَمَا لِلْعَادَةِ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ، وَقَدْرٌ يَسِيرٌ مُتَكَرِّرٌ جَازَ أَنْ يُعْطَى عَلَيْهِ مِنْهُ لِدُخُولِ رَبِّ الْمَالِ عَلَيْهِ لِتَكَرُّرِهِ بِخِلَافِ الدَّوَاءِ.
(وَاكْتَسَى) الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فِي سَفَرِهِ جَوَازًا (إنْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ طَالَ سَفَرُهُ بِحَيْثُ يَمْتَهِنُ ثِيَابَهُ الَّتِي عَلَيْهِ وَأُلْحِقَ بِبُعْدِ سَفَرِهِ طُولُ إقَامَتِهِ بِمَوْضِعٍ لِلتَّجْرِ بِهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا يَكْتَسِي فِي السَّفَرِ الْقَرِيبِ. ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا بَيْنَ مِصْرَ وَدِمْيَاطَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ جَمِيعَ الْكِسْوَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْعَامِلِ أَنْ يَكْتَسِيَ مِنْ الْمَالِ فِي بَعِيدِ السَّفَرِ إنْ كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ لَا قَرِيبِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعِ إقَامَةٍ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى الْكِسْوَةِ.
(تَنْبِيهٌ) أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ مَالَ الْبِضَاعَةِ لَيْسَ كَالْقِرَاضِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ. وَالثَّانِي كَالْقِرَاضِ فِيهِمَا. وَالثَّالِثُ كَرَاهَتُهُمَا مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ الْبِضَاعَةِ كَالْقِرَاضِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَسُقُوطِهِمَا فِيهَا. ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ الْقَرَوِيِّينَ وَرِوَايَةِ أَشْهَبَ وَصَوَّبَ هُوَ وَاللَّخْمِيُّ الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ عَنْ اللَّخْمِيِّ الْعَادَةُ الْيَوْمَ لَا نَفَقَةَ وَلَا كِسْوَةَ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَعْمَلَ مُكَارَمَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute