فَإِنْ أَبَى: فَلْيُكَافِئْهُ.
ــ
[منح الجليل]
بِطَعَامٍ أَفْضَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ غَيْرُهُ (فَلْيَتَحَلَّلْهُ) أَيْ يَطْلُبُ الْعَامِلُ مِنْ رَبِّ الْمَال أَنْ يُسَامِحَهُ وَيَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ.
(فَإِنْ) سَامَحَهُ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ (أَبَى) تَحْلِيلَهُ (فَلْيُكَافِئْهُ) أَيْ يُعْطِهِ عِوَضَ مَا تَفَضَّلَ بِهِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ شَيْئًا وَلَا يُوَلِّي وَلَا يُعْطِي عَطِيَّةً وَلَا يُكَافِئُ مِنْهُ أَحَدًا، فَأَمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ إلَى قَوْمٍ وَيَأْتُونَ بِمِثْلِهِ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ وَاسِعًا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَلْيَتَحَلَّلْ صَاحِبَهُ، فَإِنْ حَلَّلَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَبَى فَلْيُكَافِئْهُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ مُكَافَأَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَرَّرَهُ الْبَاجِيَّ بِقَوْلِهِ إنْ اجْتَمَعَ مَعَ رُفَقَائِهِ فَجَاءُوا بِطَعَامٍ عَلَى مَا يَتَخَارَجُهُ الرُّفَقَاءُ فِي السَّفَرِ فَذَلِكَ وَاسِعٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَأْكُلُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَكْثَرَ مِنْ صَاحِبِهِ وَمَنْ يَصُومُ فِي يَوْمٍ دُونَ رُفَقَائِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا يُتَسَاوَى فِيهِ ثُمَّ يُنْفِقُونَ مِنْهُ فِي طَعَامٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا تُلْجِئُهُمْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ انْفِرَادَ كُلِّ إنْسَانٍ بِتَوَلِّي طَعَامِهِ يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَيُشْغِلُهُ عَمَّا هُوَ مُسَافِرٌ بِسَبَبِهِ مِنْ أَمْرِ تِجَارَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمُسَافِرِينَ، قَالَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِيت، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِي إعْطَائِهِ السَّائِلَ الْكِسْرَةَ وَكَذَا الْقُرَّاتُ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُتَشَاحُّ فِي مِثْلِهِ وَكَذَا الْوَصِيُّ يُعْطِي السَّائِلَ مِنْ مَالِ يَتِيمِهِ، وَأَصْلُهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} [النور: ٦١] الْآيَةَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute