للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَجَرٍ وَإِنْ بَعْلًا ذِي ثَمَرٍ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ

ــ

[منح الجليل]

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: نَظَرَ طفى فِي جُعْلِ الْمُسَاقَاةِ لَمَّا كَانَ مِنْ فَاعِلٍ وَاحِدٍ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي فَاعَلَ اقْتِسَامُ الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ وَهِيَ الْمُشَارَكَةُ، وَوُرُودُهُ لِلْوَاحِدِ قَلِيلٌ مَحْصُورٌ عِنْدَ النُّحَاةِ، إمَّا لِمُوَافَقَةِ أَفْعَلَ ذِي التَّعَدِّي نَحْوَ عَالَيْت رَحْلِي عَلَى النَّاقَةِ وَأَعْلَيْته، أَوْ لِمُوَافَقَةِ فَعَلَ نَحْوَ جَاوَزْت الشَّيْءَ وَجُزْتُهُ، وَوَاعَدْتُ زَيْدًا وَوَعَدْتُهُ، أَوْ لِلْإِغْنَاءِ عَنْهُمَا كَقَامُوا وَبَارَكَ اللَّهُ، وَمِنْهُ سَافَرَ عِنْدَ مَنْ لَمْ يُثْبِتْ سَفَرًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى السَّمَاعِ فَلَيْسَ لَنَا اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ الْمُفَاعَلَةِ إلَّا بِسَمَاعٍ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ ضَارِبٌ بِمَعْنَى ضَرَبَ، وَمِنْهُ سَاقَى فَيَتَعَيَّنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

الثَّانِي: مَصَبُّ الْحَصْرِ الشُّرُوطُ أَوْ الشَّجَرُ بِقَيْدٍ مَحْذُوفٍ أَيْ لَا تَصِحُّ صِحَّةً مُطْلَقَةً عَنْ شَرْطِ عَجْزِ رَبِّهِ إلَّا فِي الشَّجَرِ (شَجَرٍ) ذِي أَصْلٍ ثَابِتٍ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَتَبْقَى أُصُولُهُ، وَشَمِلَ الشَّجَرُ النَّخْلَ إنْ كَانَ الشَّجَرُ يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ، بَلْ (وَإِنْ كَانَ بَعْلًا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَا يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ لِشُرْبِهِ بِعُرُوقِهِ مِنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ كَشَجَرِ الشَّامِ وَإِفْرِيقِيَّةَ فِيهَا لَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ النَّخْلِ وَفِيهَا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى سَقْيِهِ كَمُسَاقَاةِ شَجَرِ الْبَعْلِ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ وَمُؤْنَةٍ. الْمُتَيْطِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ شَجَرِ الْبَعْلِ وَالسَّقْيِ عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ كَانَ فِي خَيْبَرَ الْبَعْلُ وَالسَّقْيُ وَكَانَتْ عَلَى سِقَاءٍ وَاحِدٍ (ذِي ثَمَرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ. عِيَاضٌ مِنْ شُرُوطِ الْمُسَاقَاةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا فِي أَصْلٍ يُثْمِرُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَزْهَارِ وَالْأَوْرَاقِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا كَالْوِرْدِ وَالْآسِ فَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ فِيمَا لَا يُثْمِرُ أَصْلًا كَالصِّفَافِ وَالْأَثْلِ وَالصَّنَوْبَرِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ يُثْمِرُ فِي عَامِهِ فَلَا تَصِحُّ فِي الْوَدْيِ الَّذِي لَا يُثْمِرُ فِي عَامِهِ إلَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا تَابِعًا لِمَا يُثْمِرُ فِي عَامِهِ، فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْحَائِطِ، وَفِيهِ مَا لَا يُثْمِرُ فِي عَامِهِ وَيَكُونُ مَا لَا يُثْمِرُ فِي عَامِهِ تَابِعًا لِمَا يُثْمِرُ فِيهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُنْتَقَى فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا تَبَعًا رَاجِعٌ لِهَذِهِ أَيْضًا، أَفَادَهُ الْحَطّ (لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ) أَيْ الثَّمَرُ فَإِنْ حَلَّ بَيْعُهُ فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُسَاقَاةُ فِي كُلِّ ذِي أَصْلٍ مِنْ الشَّجَرِ جَائِزَةٌ مَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>