وَمُسَاقَاةُ وَصِيٍّ وَمَدِينٍ بِلَا حَجْرٍ.
وَدَفْعُهُ لِذِمِّيٍّ لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ خَمْرًا.
لَا مُشَارَكَةُ رَبِّهِ
ــ
[منح الجليل]
وَ) تَجُوزُ (مُسَاقَاةُ وَصِيٍّ) حَائِطَ مَحْجُورِهِ لِأَنَّهَا مِنْ تَصَرُّفِهِ لَهُ (وَ) تَجُوزُ مُسَاقَاةُ (مَدِينٍ بِلَا حَجْرٍ) مِنْ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ حَائِطُهُ لِأَنَّهَا كَكِرَائِهِ لِأَرْضِهِ وَدَارِهِ وَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ فَسْخُهَا، فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ، وَإِنْ نَزَلَتْ فَلَهُمْ فَسْخُهَا فِيهَا لِلْوَصِيِّ دَفْعُ حَائِطِ الْأَيْتَامِ مُسَاقَاةً، لِأَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ لَهُمْ جَائِزٌ، وَلِلْمَأْذُونِ دَفْعُ الْمُسَاقَاةِ وَأَخْذُهَا، وَلِلْمِدْيَانِ دَفْعُ الْمُسَاقَاةِ كَكِرَائِهِ أَرْضَهُ وَدَارَهُ ثُمَّ لَيْسَ لِغُرَمَائِهِ فَسْخُ ذَلِكَ وَلَوْ سَاقَى أَوْ أَكْرَى بَعْدَ قِيَامِهِمْ فَلَهُمْ فَسْخُهُ.
(وَ) يَجُوزُ (دَفْعُهُ) أَيْ الْحَائِطِ (لِذِمِّيٍّ) يَعْمَلُ فِيهِ مُسَاقَاةً إنْ (لَمْ يَعْصِرْ) الذِّمِّيُّ (حِصَّتَهُ) أَيْ الذِّمِّيِّ الَّتِي يَأْخُذُهَا فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ مِنْ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ (خَمْرًا) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ رَبُّ الْحَائِطِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ يَعْصِرُهَا خَمْرًا فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ لَهُ عَلَى عِصْيَانِهِ. فِيهَا كَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَخْذُك مِنْ نَصْرَانِيٍّ مُسَاقَاةً أَوْ قِرَاضًا وَلَسْتُ أَرَاهُ حَرَامًا، وَلَا بَأْسَ أَنْ تَدْفَعَ نَخْلَك إلَى نَصْرَانِيٍّ مُسَاقَاةً إنْ أَمِنْت أَنْ يَعْصِرَ حِصَّتَهُ خَمْرًا. ابْنُ الْعَرَبِيِّ كَيْفَ قَالَ مَالِكٌ هَذَا وَقَدْ «سَاقَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْأَمْنَ مِنْ عَصْرِ الْخَمْرِ» إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَمْنُوعُ إذَا كَانُوا يَسْقُونَهَا مُسْلِمًا وَلَا يُقَالُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ لِأَنَّ فَتْحَ خَيْبَرَ بَعْدَ تَحْرِيمِهَا، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ حَمْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْأَمْنِ حَتَّى يُعْلَمَ الْأَمْنُ
(لَا) تَجُوزُ (مُشَارَكَةُ رَبِّهِ) أَيْ الْحَائِطِ الْعَامِلَ فِي عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ، سَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اسْقِ أَنْتَ وَأَنَا حَائِطِي وَلَك نِصْفُ ثَمَرِهِ فَلَا يَصْلُحُ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ أَنْ يُسَلِّمَ الْحَائِطَ إلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ وَقَعَ وَفَاتَ فَالْعَامِلُ أَجِيرٌ، لِأَنَّ رَبَّهُ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ إنَّمَا أَعْطَاهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ الْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ رَبُّ الْحَائِطِ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ نَزَلَ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُرَدُّ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ وَلَا يُرَدُّ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ كَاشْتِرَاطِهِ غُلَامًا أَوْ دَابَّةً يَعْمَلُ مَعَهُ إذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute