وَإِنْ قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شُرِطَ: حُطَّ بِنِسْبَتِهِ.
ــ
[منح الجليل]
الْمُسَاقَاةِ عَلَى إخْرَاجِ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ الدَّوَابِّ فَكِلَاهُمَا مُدَّعٍ لِلصِّحَّةِ، فَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِيهَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ، وَأَمَّا عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَتَحْصُلُ أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ مُطْلَقًا، وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِمَا التَّفْصِيلُ، وَعَلَيْهَا مَا فِي الشَّامِلِ. وَمَحَلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ مَا لَمْ يَغْلِبْ فَسَادُهَا، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، بِدَلِيلِ تَعْلِيلِ ابْنِ يُونُسَ تَرْجِيحَ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِالْعُرْفِ، أَيْ فَإِنْ عُكِسَ الْعُرْفُ عُلِّلَ بِهِ تَرْجِيحُ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ مُدَّعِي الْفَسَادِ لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ لَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ.
(وَإِنْ قَصَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (عَامِلٌ عَمَّا) أَيْ بَعْضُ الْعَمَلِ الَّذِي (شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ شَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَيْهِ عَمَلَهُ (حُطَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ أَسْقَطَ مِنْ الْجُزْءِ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ فِي عَقْدِهَا جُزْءٌ مِنْ حَظِّهِ نِسْبَتُهُ لَهُ (بِ) مِثْلِ (نِسْبَتِهِ) أَيْ الْعَمَلِ الَّذِي تَرَكَهُ لِجَمِيعِ الْعَمَلِ الْمُشْتَرَطِ عَلَيْهِ، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْحَرْثَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَحَرَثَ مَرَّتَيْنِ حَطَّ مِنْ جُزْئِهِ ثُلُثَهُ. سَحْنُونٌ مَنْ أَعْطَيْتُهُ كَرْمَةً أَوْ زَيْتُونَةً مُسَاقَاةً عَلَى أَنْ يَسْقِيَ وَيَقْطَعَ وَيَجْنِيَ، وَعَلَى أَنَّهُ يَحْرُثُهُ ثَلَاثَ حَرْثَاتٍ فَعَمِلَ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْرُثْهُ إلَّا حَرْثَتَيْنِ قَالَ يُنْظَرُ عَمَلُ جَمِيعِ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَطِ عَلَيْهِ مِنْ سِقَاءِ حَرْثٍ وَقَطْعٍ وَجَنْيٍ فَيَنْظُرُ مَا عَمِلَ مَعَ مَا تَرَكَ مَا هُوَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مَا تَرَكَ يَكُونُ مِنْهُ الثُّلُثُ حَطَّ مِنْ النِّصْفِ ثُلُثَهُ إنْ كَانَ سَاقَاهُ عَلَى النِّصْفِ، وَإِنْ كَانَ سَاقَاهُ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ حَطَّ مِنْهُ ثُلُثَهُ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ قَصَّرَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ السَّقْيَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَسَقَى اثْنَيْنِ وَأَغْنَى الْمَطَرُ عَنْ الثَّالِثَةِ فَلَا يَحُطُّ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْءٌ. ابْنُ رُشْدٍ بِلَا خِلَافٍ، قَالَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ عَلَى سِقَايَةِ حَائِطِهِ زَمَنَ السَّقْيِ وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، فَجَاءَ مَاءُ السَّمَاءِ فَأَقَامَ بِهِ حِينًا فَيَحُطُّ مِنْ إجَارَتِهِ بِقَدْرِ إقَامَةِ الْمَاءِ فِيهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ كَالْبَيْعِ، وَالْمُسَاقَاةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
١ -
قَالَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْعَالِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ بَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute