قَوْلَانِ تَرَدُّدٌ
ــ
[منح الجليل]
(قَوْلَانِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ فِي كَوْنِهِ كِرَاءً فَاسِدًا أَوْ إجَارَةً كَذَلِكَ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ (تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ فِي جَوَابِ هَلْ تَمْضِي إلَخْ، يَعْنِي أَنَّ الْمُغَارَسَةَ الْفَاسِدَةَ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ شُرُوعِ الْعَامِلِ فِي عَمَلِهَا فَإِنَّهَا تُفْسَخُ وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْغَرْسِ وَمُعَالَجَتِهِ فَفِيهَا طَرِيقَتَانِ، الْأُولَى لِبَعْضِ الْمُؤَلِّفِينَ النَّظَرُ فِي الْمُغَارَسَةِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا جُزْءٌ لِلْعَامِلِ مِنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ وَفَسَدَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ كَكَوْنِهَا لِأَجَلٍ بَعِيدٍ يُثْمِرُ الشَّجَرُ قَبْلَهُ أَوْ يَخْدُمُهَا الْعَامِلُ مَا عَاشَ فَتَمْضِي، وَيَتَرَادَّانِ قِيمَتَيْ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ بَيْنَهُمَا أَيْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَرْضِ، وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ عَمَلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ جُزْءًا مِنْهُمَا تُفْسَخُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ وَمَفْهُومُهُ لَمْ يَذْكُرُوهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَخَذْنَاهُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِهِمْ.
الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ. لِابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ جُزْءٌ لِلْعَامِلِ فَلَهُ قِيمَةُ غَرْسِهِ، أَيْ الْأَعْوَادُ الَّتِي غَرَسَهَا وَعَمَلُهُ أَيْ مُعَالَجَتُهُ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ إذَا جَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ فِي الْمُغَارَسَةِ كَقَوْلِهِ اغْرِسْ هَذِهِ الْأَرْضَ وَقُمْ عَلَى غَرْسِهَا كَذَا وَكَذَا سَنَةً أَوْ حَتَّى تَبْلُغَ كَذَا وَكَذَا لِأَجَلٍ أَوْ حَتَّى يَكُونَ الْإِطْعَامُ دُونَهُ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهَا إجَارَةٌ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْغَارِسُ مَا أَخَذَ مِنْهَا يُرِيدُ مِنْ الثَّمَرَةِ مَكِيلَتَهَا إنْ عُرِفَتْ وَخَرْصَهَا إنْ جُهِلَتْ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ. اهـ. وَعَلَى هَذَا فَالْغَرْسُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْعَامِلِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُجْعَلْ لِلْعَامِلِ جُزْءٌ مِنْ الْأَرْضِ بِأَنْ قَالَ لَهُ اغْرِسْهَا وَالثَّمَرُ فَقَطْ بَيْنَنَا وَالثَّمَرُ وَالشَّجَرُ فَقَطْ بَيْنَنَا وَلَا شَيْءَ لَك مِنْ الْأَرْضِ أَوْ قَالَ لَهُ مَا دَامَتْ الْأَشْجَارُ قَائِمَةً فَإِنَّك تَنْتَفِعُ بِهَا فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ ذَهَبَتْ فَلَا حَقَّ لَك فِيهَا، فَقِيلَ إنَّهُ كِرَاءٌ فَاسِدٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فَعَلَى أَنَّهُ كِرَاءٌ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءُ أَرْضِهِ مِنْ يَوْمِ أَخَذَهَا. وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ غَرَسَهَا. وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ إثْمَارِهَا وَيُخَيَّرُ رَبُّ الْأَرْضِ فِي أَمْرِهِ بِقَلْعِ شَجَرِهِ وَإِعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا. وَقِيلَ قَائِمًا لِأَنَّهُ غَرَسَهُ بِشُبْهَةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute