للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا كَرِيِّ حَجٍّ: فَالْيَسِيرُ

ــ

[منح الجليل]

وَالْجَبْرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَعُجِّلَ إنْ عَيَّنَ فَالْأَوَّلُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّانِي حَقُّ الْآدَمِيِّ، فَقَوْلُهُ وَعُجِّلَ إنْ عُيِّنَ أَيْ مَعَ شَرْطِهِ أَوْ اعْتِيَادِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِشَرْطٍ إلَخْ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ كَمَا قَالَ. الْحَطّ فَالْحَقُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ قَوْلَهُ بِشَرْطٍ إلَخْ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَنَّهُ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى إنْ عُيِّنَ أَيْ أَوْ عُجِّلَ بِتَعْيِينِهِ أَوْ بِشَرْطٍ إلَخْ، وَأَنَّ مَا أَوْرَدَهُ الْحَطّ لَازِمٌ لَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ عُيِّنَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ إنْ اُشْتُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ تَعْجِيلُهُ فَهُوَ مُتَدَرِّجٌ فِي قَوْلِهِ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَهُ أَوْ لَا عُرْفَ أَصْلًا، فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ كَمَا قَالَ. وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَالتَّعْجِيلُ فَرْعُ صِحَّتِهَا اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ اعْتَرَضَ بِإِغْنَاءِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ شَاعَ عَدَمُ تَوَجُّهِهِ لِوُقُوعِ الْأَوَّلِ فِي مَرْكَزِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَضْمُونِ الَّذِي يَجِبُ تَعْجِيلُهُ، فَقَالَ (إلَّا كَرِيَّ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَشَدِّ الْيَاءِ أَيْ كَارِيَ إبِلٍ مَضْمُونَةٍ فِي ذِمَّتِهِ لِرُكُوبِهَا أَوْ الْحَمْلِ عَلَيْهَا لَك (حَجٍّ) مِنْ كُلِّ مَوْسِمٍ لَهُ وَقْتٌ مَخْصُوصٌ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ قَبْلَ وَقْتِهِ (ف) لَا يَجِبُ تَعْجِيلُ جَمِيعِ الْكِرَاءِ

وَيُعَجَّلُ (الْيَسِيرُ) مِنْهُ وُجُوبًا وَيَقُومُ مَقَامَ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ إذَا عُجِّلَ الْجَمِيعُ لِلْكَرِيِّ قَبْلَ وَقْتِ السَّفَرِ يُخْشَى هُرُوبُهُمْ بِهِ وَعَدَمُ إتْيَانِهِمْ بِالْإِبِلِ وَقْتَهُ فَيُضِيعُ الْكِرَاءُ عَلَى الْمُكْتَرِي. ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ تَكَارَى كِرَاءً مَضْمُونًا إلَى أَجَلٍ مِثْلِ الْحَجِّ فِي غَيْرِ إبَانَةٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ النَّقْدُ، وَلَكِنْ يُعَجَّلُ مِثْلُ الدِّينَارَيْنِ وَنَحْوُهُمَا، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي إلَّا بِنَقْدٍ مِثْلِ ثُلُثَيْ الْكِرَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَضْمُونِ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ قَدْ اقْتَطَعَ الْأَكْرِيَاءُ أَمْوَالَ النَّاسِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرُوهُمْ بِالنَّقْدِ وَلْيَنْقُدُوهُمْ الدِّينَارَ وَشِبْهَهُ. أَبُو مُحَمَّدٍ أَرَادَ لَوْ كَانَ مَضْمُونًا بِغَيْرِ أَجَلٍ وَشَرَعَ فِي الرُّكُوبِ جَازَ بِغَيْرِ نَقْدٍ لِأَنَّ نَقْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>