للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَجِيرٍ لِصَانِعٍ: كَسِمْسَارٍ. إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ.

ــ

[منح الجليل]

فَيَضِيعَ أَوْ يَضِيعَ ثَمَنُهُ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا أَجْرَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

(وَ) لَا ضَمَانَ عَلَى (أَجِيرٍ لِصَانِعٍ) كَخَيَّاطٍ وَحَيَّاكٍ وَصَائِغٍ وَصَبَّاغٍ وَقَصَّارٍ. فِيهَا يَضْمَنُ الْقَصَّارُ مَا أَفْسَدَهُ أَجِيرُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَجِيرِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ. الْبِسَاطِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ أَشْهَبَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَثُرَتْ الثِّيَابُ عِنْدَ الْغَسَّالِ فَاسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَبْعَثُهُ بِهَا إلَى الْبَحْرِ فَيَدَّعِي تَلَفَهَا فَيَضْمَنُهَا (وَ) لَا ضَمَانَ عَلَى (سِمْسَارٍ) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، أَيْ دَلَّالٍ طَوَّافٍ فِي الْأَسْوَاقِ بِالسِّلَعِ أَوْ يُنَادِي عَلَيْهَا لِلْمُزَايَدَةِ إنْ (ظَهَرَ خَيْرُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ خَيْرُهُ فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا، وَمُقَابِلُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ ضَمَانُ السِّمْسَارِ وَلَوْ ظَهَرَ خَيْرُهُ وَالْقَوْلَانِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". فِي التَّوْضِيحِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي تَضْمِينِهِ. وَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ بِتَضْمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالْخَيْرِ، وَنَصُّهُ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْسَانِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ تَضْمِينُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالْخَيْرِ اهـ. طفي وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت وَجَدْت ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يَسْتَظْهِرْ قَوْلًا مِنْ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَنَّ فَتْوَاهُ مُخَالِفَةٌ لَهُمَا، فَفِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ نَظَرٌ. وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ فَتْوَاهُ قَوْلًا ثَالِثًا فَقَالَ فَفِي ضَمَانِهِ مَا دُفِعَ إلَيْهِ لِيَبِيعَهُ أَوْ مَا طَلَبَهُ مِنْ رَبِّهِ لِمُشْتَرٍ أَمَرَهُ بِشِرَائِهِ. ثَالِثُهَا مَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا لِنَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ عَاتٍ عَنْ حَمْدِيسٍ عَنْ بَعْضِ أَقْوَالِهِ، وَلَهُ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَفَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ فَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى عَدَمِ ضَمَانِهِ مُطْلَقًا لَأَجَادَ. عِيَاضٌ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي السَّمَاسِرَةِ وَالْمَأْمُورِينَ وَالْوُكَلَاءِ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ، لِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ وَلَيْسُوا بِصُنَّاعٍ سَوَاءٌ كَانُوا بِحَوَانِيتَ أَمْ لَا، كَذَا جَاءَ فِي أُمَّهَاتِنَا وَأَجْوِبَةِ شُيُوخِنَا. اهـ. وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ بِجَلْبِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَعْتَمِدَ الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَلَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَتْرُكَهُ وَيَعْتَمِدَ فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ لِذَلِكَ وَإِنْ نَصَبَ نَفْسَهُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَالصَّانِعِ، وَأَظُنُّ أَنِّي وَقَفْت عَلَى هَذَا لِبَعْضِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>