للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

وَهُوَ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَبْنِي مَذْهَبَهُ عَلَى الْمَصَالِحِ لَا إلَى قَوْلِهِ نُقِلَ عَنْهُ قَتْلُ الثُّلُثِ إلَخْ، أَوْ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى تَتَرُّسِ الْكُفَّارِ بِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَوْلُهُ مَالِكٌ يَبْنِي مَذْهَبَهُ عَلَى الْمَصَالِحِ كَثِيرًا فِيهِ نَظَرٌ لِإِنْكَارِ الْمَالِكِيَّةِ ذَلِكَ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ حَسْبَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ حَتَّى يَجْرِيَ فِي الْفِتَنِ الَّتِي تَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يُشْبِهُهَا. وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي هَذَا شَيْخُ شُيُوخِنَا الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِي الْعَرَبِيُّ الْفَاسِيُّ فِي جَوَابٍ لَهُ طَوِيلٍ، وَقَدْ نَقَلْت مِنْهُ مَا قَيَّدْته أَعْلَاهُ وَهُوَ تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ تَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ.

وَأَمَّا تَأْوِيلُ " ز " بِأَنَّ الْمُرَادَ قَتْلُ ثُلُثِ الْمُفْسِدِينَ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِإِصْلَاحِ بَقِيَّتِهِمْ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهِ، فَإِنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا وَضَعَ لِإِصْلَاحِ الْمُفْسِدِينَ الْحُدُودَ عِنْدَ ثُبُوتِ مُوجِبَاتِهَا، وَمَنْ لَمْ تُصْلِحْهُ السُّنَّةُ فَلَا أَصْلَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَمِثْلُ هَذَا التَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ هُوَ الَّذِي يُوقِعُ كَثِيرًا مِنْ الظَّلَمَةِ الْمُفْسِدِينَ فِي سَفْكِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ الْفَسَادِ. وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ شَارِكَ فِي دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جِيءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» . وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ الْمُرْكِبَ إذَا ثَقُلَ بِالنَّاسِ وَخِيفَ غَرَقُهُ فَإِنَّهُمْ يَقْتَرِعُونَ عَلَى مَنْ يُرْمَى الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِيهِ سَوَاءٌ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَهُ تَعَقَّبَ غَيْرُ وَاحِدٍ نَقْلَ اللَّخْمِيُّ طَرْحَ الذِّمِّيِّ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ، وَرُبَّمَا نَسَبَهُ بَعْضُهُمْ لِخَرْقِ الْإِجْمَاعِ، وَقَالُوا لَا يُرْمَى الْآدَمِيُّ لِنَجَاةِ الْبَاقِينَ وَلَوْ ذِمِّيًّا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَضْمِينُهُمْ مَا يَغِيبُونَ عَلَيْهِ وَيَدَّعُونَ تَلَفَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا ثَبَتَ ضَيَاعُهُ بِبَيِّنَةٍ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيعٍ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ إلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ ضَمَّنَهُمْ، وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ وَلِقَوْلِهِ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ، لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ تَضْمِينُهُمْ

لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ

وَجَبَ أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُمْ بِهِ حَسْمًا لِلذَّرِيعَةِ، لِأَنَّ مَا طَرِيقُهُ الْمَصْلَحَةُ وَسَدُّ الذَّرِيعَةِ لَا يُخَصَّصُ بِمَوْضِعٍ مِنْ قَبِيلِ هَذَا شَهَادَةُ الِابْنِ لِأَبِيهِ، وَلِأَنَّ مَنْ ضَمِنَ بِلَا بَيِّنَةٍ ضَمِنَ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ. وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَصَحُّ. ابْنُ شَاسٍ مُحَمَّدٌ يَضْمَنُ الصَّانِعُ مَا لَا صَنْعَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>