فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ. وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ،
ــ
[منح الجليل]
الصَّبَّاغِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَتَى عَلَى أَيْدِيهمْ فِيهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَعَدَّى فِيهَا أَوْ أَخَذَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ مَأْخَذِهَا فَيَضْمَنُ حِينَئِذٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْبَيْطَارُ يَطْرَحُ الدَّابَّةَ فَتَمُوتُ مِنْهُ وَالْخَاتِنِ يَخْتِنُ الصَّبِيَّ فَيَمُوتُ مِنْ خِتَانِهِ وَالطَّبِيبِ يَسْقِي الْمَرِيضَ فَيَمُوتُ مِنْ سَقْيِهِ، أَوْ يَكْوِيهِ فَيَمُوتُ مِنْ كيه أَوْ يَقْطَعُ مِنْهُ شَيْئًا فَيَمُوتُ مِنْ قَطْعِهِ، وَالْحَجَّامِ يَقْلَعُ ضِرْسَهُ فَيَمُوتُ مِنْ قَلْعِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا فِي مَالِهِ وَلَا عَاقِلَتِهِ فِي جَمِيعِ هَذَا لِأَنَّ مَا فِيهِ التَّغْرِيرُ كَانَ صَاحِبُهُ هُوَ الَّذِي عَرَّضَهُ لِمَا أَصَابَهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُخْطِئْ فِي فِعْلِهِ، فَإِنْ أَخْطَأَ مِثْلَ سَقْيِ الطَّبِيبِ الْمَرِيضَ مَا لَا يُوَافِقُ مَرَضَهُ أَوْ تَزِلُّ يَدُ الْخَاتِنِ أَوْ الْقَاطِعِ فَيَتَجَاوَزُ فِي الْقَطْعِ، أَوْ يَدُ الْكَاوِي فَيَتَجَاوَزُ فِي الْكَيِّ، أَوْ يَدُ الْحَجَّامِ فَيَقْلَعُ غَيْرَ الضِّرْسِ الَّتِي أَمَرَ بِقَلْعِهَا.
فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يَغُرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَذَلِكَ خَطَأٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، فَفِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ أَوْ غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَيُعَاقَبُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الدِّيَةَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِذَا ضَمِنَ الصَّانِعُ (فَ) يَضْمَنُ الْمَصْنُوعَ (بِقِيمَتِهِ) مُعْتَبَرَةً (يَوْمَ دَفْعِهِ) ، أَيْ الْمَصْنُوعِ لِلصَّانِعِ خَالِيًا عَنْ الصَّنْعَةِ، وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَدْفَعُ الْأُجْرَةَ وَآخُذُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا تَلْزَمُ الصَّانِعَ يَوْمَ الدَّفْعِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا ادَّعَى الصَّانِعُ ضَيَاعَ الْمَتَاعِ الَّذِي اُسْتُعْمِلَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ دَفْعِهِ إلَيْهِ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْ صِفَتِهِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ ضَاعَ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِمُدَّةٍ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ ظَهَرَ عِنْدَهُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَئِذٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَئِذٍ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ وَالْعَارِيَّةُ.
(وَ) يَضْمَنُ الصَّانِعُ مَصْنُوعَهُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَلَوْ شَرَطَ) الصَّانِعُ (نَفْيَهُ) أَيْ الضَّمَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ إنْ شَرَطَ نَفْيَهُ وَهُمَا رِوَايَتَانِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ اشْتَرَطَ الصَّانِعُ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَا يَنْفَعُهُ شَرْطُهُ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنَّ لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْهُ، وَيَضْمَنُ الصَّانِعُ إنْ لَمْ يَدْعُ رَبَّهُ لِأَخْذِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute